هذا التعبير ومصححه هو مجرد شدة وضوح المطلب في باب القطع، وإلا فليس من الفرعية والتنزيل وأمثالهما عين ولا أثر. هذا في القطع الطريقي المحض.
وأما القطع الموضوعي بأقسامه الستة فيعرف حكمه مما ذكرناه، فإنه في المأخوذ منه على نحو الصفتية أو الطريقية المختصة به بمعنى الكاشفية التامة لا تدل أدلة اعتبار الطرق والأمارات على تنزيلها منزلة القطع أصلا، فلا دليل من هذه الجهة على قيامها مقامه وترتب آثاره عليها.
وأما المأخوذ منه على نحو الطريقية بمعناها المشترك بين القطع وسائر الطرق المعتبرة فأدلة اعتبار الطرق وإن لم تدل على التنزيل - كما عرفت - إلا أنها لا ريب في دلالتها على اعتبار الأمارات طريقا، فتدل على أن خبر الثقة أو الظواهر - مثلا - طريق معتبر إلى مؤداه، فيصير خبر الثقة أو ظاهر الخطاب مصداقا وفردا من أفراد الطريق المعتبر، فلا محالة يترتب عليه أيضا ما كان مترتبا على القطع بما أنه طريق معتبر، كما لا يخفى، وهذا هو مراد الشيخ الأعظم (قدس سره) في قوله بقيام الأمارات والأصول مقام القطع المأخوذ في موضوع الحكم على وجه الطريقية.
هذا إلا أنه قد يستشكل فيما لم يكن لنفس ما قامت عليه الأمارة أثر شرعي، ولا سيما إذا كان القطع الطريقي تمام موضوع الحكم، وذلك أنه إذا لم يكن أثر مترتبا عليه لم يمكن شمول عموم أدلة اعتبار الأمارات له، إذ لا معنى لاعتبار شئ أمارة على أمر إلا وجوب ترتيب آثار واقع ذلك الأمر على مؤدى الأمارة، فإذا لم يكن له أثر أصلا لما كان لاعتبار الأمارة القائمة عليه معنى.
والحق عدم وقع لهذا الإشكال، لما عرفت من أن حقيقة اعتبار الطرق إنما هي كونها إحرازا لما قام الطريق عليه، غاية الأمر أنه يشترط عدم لزوم اللغوية من اعتبارها في الموارد، ويكفي فيه أن يكون نفس قيام الطريق عليه موضوعا للحكم الشرعي، فبعموم أدلة حجية الأمارات يصير المورد مما قام عليه الأمارة، ويتحقق مصداق موضوع الحكم المذكور ويترتب عليه، كما لا يخفى.
وقد ظهر مما حققناه أنه لا تدل أدلة اعتبار الأمارات على تنزيل الظن منزلة