كلماتهم ب " المعلوم بالذات " أمر متعين غير مردد، وشخصي ذو وحدة عينية في الذهن إلا أن علمية العلم إنما هي بتعلق الإذعان النفساني بمفاد هذه الصورة ومحكيها، والمحكي في أحدهما أمر لا مجال للترديد فيه، وهو العلم التفصيلي، وفي الآخر مشوب بالترديد في الخصوصيتين أو الخصوصيات، وهو العلم الإجمالي.
ولو كان حقيقة العلم الإجمالي هو العلم التفصيلي وكان الفرق بينهما بضم الجهل إلى العلم - كما في نهاية الدراية (1) - لما كان لنا طريق إلى التصديق بتحقق إحدى الخصوصيات، فإن القول بتصوير جامع ينطبق على كل من الخصوصيتين لا غير - كما عن بعض أهل الدقة (2) - تناقض، إذ الخصوصية هي ما به امتياز الشئ عن غيره فكيف يقال بوجود جامع بينها وبين خصوصية أخرى مثلها؟! بل الجامع هو ما به الاشتراك، والخصوصيات ما بها الامتياز، وهما متقابلان، وحل الإعضال إنما هو بما ذكرناه من المقال، ومن الله العصمة وبه الاتكال.
إذا عرفت هذا فالحق أن العلم الإجمالي عند العقلاء موجب لتنجز التكليف وعدم جواز مخالفته القطعية، بل ووجوب موافقته القطعية، إلا أنه معلق بعدم ورود ترخيص من المولى الحاكم في ترك الموافقة القطعية، ولا في جواز مخالفته القطعية، وهذا التعليق هو المعبر عنه في كلام الكفاية وغيرها: بأن تأثيره في حرمة المخالفة ووجوب الموافقة على نحو الاقتضاء، وليس المراد به الاقتضاء المذكور في الفلسفة والأسباب التكوينية، فلا مجال للإيراد عليه بمثل ما في نهاية الدراية (3)، كما لا يخفى.
وكيف كان فالدليل على هذا التعليق - مضافا إلى ما عرفت من أن الأمر كذلك حتى في العلم التفصيلي - أنه مما يحكم به العقلاء هاهنا، فهم يرون أن للمولى أن