الحرام، أو علم إجمالا بحرمة خصوص إناء زيد من الإناءين ولم يعرف إناءه واشتبه بإناء آخر ثم عرفه تفصيلا، وينحل حكما إذا عرف وعلم بكون بعض الأطراف من أول الأمر محرما، كما إذا علم إجمالا بحرمة أحد الإناءين مع الشك في حرمة الآخر، ثم علم أن أحدهما معينا كان حراما من أول الأمر، أو علم بحرمة إناء زيد مع الشك في حرمة الآخر، ثم علم بحرمة أحدهما المعين من دون أن يعرف أنه إناء زيد - كذلك إذا قام الطريق المعتبر على حرمة بعض الأطراف فمقتضى كونه طريقا معتبرا موصلا إلى الواقع أن يجرى عليه جميع آثار العلم القطعي، وما نحن فيه من قبيل الانحلال الحكمي.
بل ربما يقال بأن العلم الإجمالي يحصل بمطابقة مقدار من الطرق المعتبرة والأصول المثبتة للتكليف الواقعي فينحل حكما العلم الإجمالي الكبير في دائرته الوسيعة بهذا العلم الإجمالي في دائرة الطرق المعتبرة والأصول المثبتة، إذ لا ريب في عدم العلم بأزيد من هذه التكاليف الموجودة في مورد هذه الطرق والأصول.
وبالجملة: فالعلم الإجمالي ينحل حكما إما بذاك العلم الإجمالي الموجود في موارد الطرق والأصول المثبتة، وإما بنفس هذه الطرق المعتبرة المترتبة عليها آثار القطع، لكونها طريقا محرزا للواقع مثل القطع.
والظاهر أن كلام الكفاية منطبق على الجواب الأخير، غاية الأمر أنه بني على مبناه في الطرق من أن المجعول فيها ليس إلا المنجزية، وقد عرفت أنه خلاف التحقيق، وأن الطرق المعتبرة فيها جواز الإسناد إلى المولى، وهو أمر فوق مجرد المنجزية، وتمام الكلام موكول إلى محله. كما أن البحث عن هذا الانحلال الحكمي سيأتي إن شاء الله في مسائل الاشتغال.
وثانيهما: أن الأصل في الأفعال الحظر: إما لكونه مشكوك المفسدة والعقل حاكم بلزوم دفع المفسدة المحتملة، وإما لأن كل مكلف فهو عبد مملوك لله تعالى بشراشر وجوده بحقيقة معنى الملك، ولا يجوز له أن يتحرك إلا عن إذن مولاه، فإنه لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره إلا بإذن منه.