كما أنه إذا كان هنا أصل محرز حكمي، مثل ما إذا علم بوجوب إكرام زيد، وكان عادلا ثم فسق واحتمل دخالة العدالة في وجوب إكرامه فاستصحاب الوجوب يقضي بالوجوب، وحيث إن لسان دليل الاستصحاب عدم جواز نقض اليقين السابق بالشك فالمكلف في عالم التعبد محكوم بأنه ذو يقين، فلا محالة يخرج ببركة هذا اللسان وهذا التعبد عن جميع العمومات والأدلة التي موضوعها الشك، فلا يعمه عموم " كل شئ حلال "، ولا عموم " رفع ما لا يعلمون ".
هذا كله بالنسبة إلى البراءة الشرعية.
وأما البراءة العقلية فمن الواضح أن قيام الحجة المثبتة للتكليف يرفع موضوعها حقيقة، فإن البيان المأخوذ عدمه في جريان البراءة العقلية هو كل حجة تثبت تكليفا إلزاميا، كما لا يخفى.
فقد تبين مما ذكرنا أولا: أن الاقتصار على الأصل الموضوعي هنا بلا وجه، بل الاستصحاب الحكمي أيضا مثله حاكم ووارد على البراءة الشرعية والعقلية.
وثانيا: أن الحكومة في الأصل الموضوعي إنما هي للدليل الاجتهادي الدال على ثبوت أحكام على الموضوعات، لا لنفس الأصل الموضوعي. إلا أنه بالنسبة إلى أصالة الحل - أعني مثل قوله (عليه السلام): " كل شئ هو لك حلال " - واضح.
وأما بالنسبة لحديث الرفع فهو مبني على أن يراد من الموصول في " ما لا يعلمون " خصوص الحكم المجهول، وإلا فإن أريد منه أعم من الحكم أو الموضوع المجهول - كما مر بيانه بالنسبة إلى الفقرات الاخر - لكان استصحاب الموضوع مقتضيا لكون الموضوع المستصحب معلوما ومتعينا تعبدا، فيخرج هذا الموضوع حكومة عن تحت عموم الموصول في " ما لا يعلمون "، ويكون الاستصحاب الموضوعي حاكما على البراءة الجارية في الموضوع، والأمر سهل.
ثم إنه عد من مصاديق الأصل الموضوعي الحاكم أصالة عدم التذكية التي هي نفس استصحاب عدم التذكية، وحيث إنه استصحاب الحالة المتصف بها الحيوان زمن حياته، فسواء أجري في موارد الشبهة الموضوعية أو الحكمية فهو ليس من