والجواب عن البيان الأول قد علم مما ذكرناه عند البحث عن قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فلا نطيل بالتكرار.
وعن البيان الثاني: أنه إذا لوحظت الملكية فالمكلف وأفعاله وجميع ما يتعلق به فعل له تعالى، لا استقلال له ولا لأفعاله قبال الحق تعالى، حتى يتصور تصرف أحد في مال غيره، بل هو تعالى الفاعل لا غير. وإذا لوحظت الكثرة فقد جعل الله تعالى نفسه كأحد من الموالي، وعد المكلف نفسا مستقلة، كما في الموالي والعبيد الذين هم ملك اعتباري لمواليهم، وحينئذ فتجري مسألة قبح العقاب بلا بيان الجاري بين الموالي العرفية وعبيدهم.
فقد تحصل: أن أدلة الاحتياط لا تنهض في نفسها بإثبات وجوبه، فتبقى أدلة البراءة العقلية والنقلية خالية عن المعارض، فالمسألة - بحمد الله تعالى - خالية عن الإشكال.
* * * ثم إنه لا فرق بين أقسام الشبهة التحريمية من الموضوعية والحكمية، مما لا نص فيه، أو أجمل فيه النص كما هو واضح.
وأما ما تعارض فيه النصان فقد يتوهم أن مرفوعة زرارة (1) جعلت موافقة الاحتياط من المرجحات، كما أن ذيل مقبولة عمر بن حنظلة وخبر المسمعي عن الميثمي (2) يدلان على وجوب التوقف والكف في المتعارضين، فتتم مقالة القائلين بالاحتياط في هذه الموارد.
أقول: أما مقبولة ابن حنظلة وخبر الميثمي فهما ظاهران كالصريح في أن موردهما ما يمكن فيه التأخير إلى أن يلقى المعصوم فيسأل عنه، أو يأتي البيان من عنده، فلا عموم لهما بالنسبة إلى ما بعد الفحص وبالنسبة إلى أمثال زماننا مما