وهي تمكن المكلف معه من إتيان العبادة المحتملة بجميع شرائطها، فلا وجه لما في الكفاية من أن صيرورته مستحبا نفسيا لا يحل بها عقدة الإشكال.
الوجه الثالث: أن أخبار " من بلغ " تقتضي تعلق أمر استحبابي بذات تلك الأعمال، فإتيانه بقصد ذاك الأمر توصل إلى رعاية قصد القربة المعتبرة.
نعم، هذا الوجه مختص بخصوص مورد قيام الخبر الضعيف على الوجوب أو الاستحباب لاختصاص صدق عنوان البلوغ به وإن لم يختص بخصوص مورد قيامه على الوجوب، كما هو واضح.
وفيه: أن موضوع هذه الأخبار: أن الداعي إلى إتيان ذاك العمل هو بلوغ قول المعصوم (عليه السلام)، وحيث إنه يعم مورد عدم تمام الحجة فلا محالة لا يزيد على إتيانه بداعي الأمر المحتمل، فلو قيل بتوقف قصد القربة على إحراز الأمر المولوي الشرعي لما كان ينفع ذلك الأخبار أيضا، لكنه لا يبقى للناظر فيها أن موضوعها هو ما ذكرناه، فهي شاهد - بإطلاقها - على صحة ما قلناه من تحقق قصد القربة بالإتيان بداعي اتباع الأمر المحتمل أيضا وعلى أي حال فلا تدل على تأتي الاحتياط وإمكانه في العبادات، بناء على تسليم توقف حصول قصد القربة على إحراز الأمر المولوي، كما لا يخفى.
ثم إن الإشكال - كما عرفت - مبني على أن حصول التقرب موقوف على إحراز الأمر من غير دخل لأن يمكن أخذه في متعلق أمر العبادات، أو يستحيل، بداهة أنه لو قلنا بتوقف حصوله على إحراز الأمر لما أمكن تحصيله حتى على القول بأنه من كيفيات الطاعة، وخارج عن حدود العبادة كما أنه لو قلنا بعدم توقفه على الإحراز لأمكن رعايته حتى بناء على أن التقرب من حدود العبادة ومأخوذ في متعلق أمرها، كما عرفت، فلا وجه لما في الكفاية والتعليقة من: " أن منشأ الإشكال هو تخيل كون القربة المعتبرة في العبادة مثل سائر الشروط المعتبرة فيها يتعلق بها الأمر المتعلق بها ".