ومنها: ما عن أمالي المفيد الثاني بسند لا يبعد اعتباره، عن الرضا (عليه السلام):
أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لكميل بن زياد: " أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت " (1).
وفيه: أن تذييله بقوله (عليه السلام): " بما شئت " يوجب ظهوره في أن الدين بمنزلة الأخ كلما احتاط الإنسان له، فهو واقع في محله، وعليه فهو أمر بأعلى مراتب الاحتياط الذي تدخل فيه الاحتياطات المستحبة، مثل الاحتياط في موارد قيام الأمارات أيضا، ولا محالة لا يكون أمرا وجوبيا، كما لا يخفى، بل هو مجرد ترغيب إلى أعلى مراتب الاحتياط يدخل فيه الاحتياط الوجوبي وغيره، ولا حجة فيه على وجوب مرتبة خاصة أصلا.
ومنها: ما عن الشهيد، عن عنوان البصري: أن الصادق (عليه السلام) قال في حديث:
" خذ بالاحتياط في جميع أمورك ما تجد إليه سبيلا " (2).
وهو نظير سابقه، بل أضعف دلالة، لاختصاص سابقه بالاحتياط في الأمور الدينية، وهذا عام لجميع أمور الإنسان، ولا محالة فهو وظيفة أخلاقية محضة لا دليل فيه على الوجوب، مضافا إلى ضعف سنده.
ومنها: ما أرسله الشهيد في الذكرى من: أن الصادق (عليه السلام) قال: " لك أن تنظر بالحزم وتأخذ بالحائطة لدينك " (3). وتعبيره لا يدل على أزيد من جواز الاحتياط، وأنه حق للمكلف.
وهنا أخبار متفرقة أخرى يظهر عدم دلالتها على وجوب الاحتياط مما مر منا في ذيل الطوائف الأربع، فلا نطيل بالتعرض لها بالخصوص.
فقد تبين من جميع ما ذكرنا: عدم نهوض دليل لفظي، لا من الكتاب ولا من السنة على وجوب الاحتياط، لا في الشبهات البدوية التحريمية ولا الوجوبية،