وكيف كان فلو لم يكن في هذا المقام كان مقاله واردا في موضع الإهمال، فلم ينعقد له ظهور في الإطلاق.
وقد أنكر الحاجة إليها صاحب الدرر، مكتفيا بظهور تعلق الحكم بالطبيعي في تعلقه به بالذات، لا يتبع تعلقه بعنوان بعض مصاديقه الذي هو لازم إرادة التقييد، فإذا تعلق الحكم بنفس الطبيعة بالذات سرى إلى جميع مصاديقها " انتهى " (1).
وفيه: أن نفس هذا الظهور الذي استند إليه مرهون كون المتكلم في مقام البيان، وإلا لكان كلامه ظاهرا في الإهمال، فإن إرادة الإهمال إذا كان في مقامه ليست خلاف الظاهر أصلا، أترى أن قول الطبيب للمريض بعد عرض حاله عليه، وقبل المعاينات النهائية: " يجب عليك استعمال الدواء " يكون له ظهور في الإطلاق، لكي يتمسك به المريض ويستعمل كل ما يصدق عليه الدواء، أو أن كونه في مقام الإهمال يوجب ظهوره في الإهمال؟
وكيف كان فلا ينبغي الريب في تقوم الظهور الإطلاقي وتوقفه على هذه المقدمة، ولا في أن مقتضاها أن يقيم المتكلم قرينة على التقييد لو لم يكن الإطلاق مرادا له، متصلة بكلامه، فلو فرغ عن الكلام ولم يقم قرينة انعقد لكلامه ظهور في الإطلاق.
المقدمة الثانية: أن لا يكون في كلامه قرينة على التقييد، ووجه الحاجة إليها واضحة، فإنها مع وجودها يكون الكلام ظاهرا في إرادة المقيد، فسواء جعلنا هذه المقدمة تمهيدا لمورد البحث، أو مقدمة لانعقاد الإطلاق، فلا شك في توقف انعقاد الإطلاق على عدم ذكر ولا وجود قرينة التقييد، والبحث عن نحو اعتبارها ليس بمهم.
إلا أنه لا ريب أيضا في أن المتوقف عليه الظهور الإطلاقي هو أن يكون على التقييد قرينة متصلة بالكلام، فإن المتكلم الذي كان في مقام يبين فيه تمام