متعرض لحال الأفراد، حتى أن المعنى المطلق يقيد بقيد الشياع والتخيير بحسب الأفراد، وهو الظاهر من عبارة الدرر حيث إنه - بعد استظهار تعلق الإرادة بنفس الطبيعة بالذات - قال: وبعد تسليم هذا الظهور تسري الإرادة إلى جميع الأفراد، وهذا معنى الإطلاق " انتهى " (1) ويستظهر هذا المعنى من بعض عبارات تقريرات الشيخ العظيم النائيني في الفوائد (2)، بل ومن الكفاية حيث قال: إنها " قضية مقدمات الحكمة " تارة تكون حملها على العموم البدلي، وأخرى على العموم الاستيعابي " انتهى ".
والحق أن غاية مقتضى المقدمات أن نفس المعنى الكلي الذي جرى بالنسبة إليه المقدمات، هو تمام متعلق إرادة المتكلم في الحكم الذي تعرض له بكلامه، فإذا قال: " أكرم عالما "، وكان في مقام البيان يحكم بأن تمام ما تعلق به الوجوب هو طبيعة الاكرام، كما أن تمام ما تعلق به وأراد وجوب إكرامه هو " واحد من العلماء " فإذا كان تمام الواجب طبيعة الاكرام، وهي صادقة ومتحدة مع أي فرد كان، فامتثال الوجوب في ضمن الضيافة والتسليم والتعظيم كاف، لأن كلا منها مصداق للطبيعة، وإتيانه إتيان الطبيعة، كما أن مفهوم " عالما " بمعنى " عالم واحد " إذا كان تمام الموضوع لمتعلق وجوب الاكرام، وكان متحدا ومنطبقا مع كل فرد، فاكرام اي فرد كان مصداق اكرام عالم واحد، وبه يتحقق ما أوجبه المولى، فلذلك يحكم العقل في مقام الامتثال بالتخيير في الإتيان بأي فرد كان، وإلا فموضوع الحكم هو نفس الطبيعة، ومعنى الإطلاق ليس أن الطبيعة تمام موضوع الحكم.
والوجه فيما ذكرناه واضح، فإن كلا من الألفاظ المستعملة في الكلام، إنما يدل على معناه الموضوع له، وقد مر أن الموضوع له لأسماء الأجناس، ويلحق به مواد الافعال، هو نفس المعنى الكلي، كما أن النكرة بلحوق التنوين بها معناها فرد من الطبيعة، ومثله الكلام في سائر الألفاظ، فإن الموضوع له فيها مجرد معانيها، فلا دلالة على أفراد المعنى ولا على أحوال الفرد، بل على نفس المعنى الذي هو