حكمه - بناء على الإطلاق - أو أن الطبيعة المقيدة تمام موضوع حكمه - بناء على إرادة التقييد - وحينئذ فليس بعض المصاديق قدرا متيقنا في مقام التخاطب، قد بينه المتكلم، فإن الطبيعة المرسلة، والطبيعة المقيدة، متباينتان، لا أقل وأكثر، بل لو كانتا أقل وأكثر لكان الأقل المتيقن هي نفس الطبيعة، فإنها التي لا ريب إجمالا في تعلق الحكم بها وكونها موضوعا للحكم، وإنما الشك في موضوعية المقيد والتقييد " انتهى ".
وفيه: أن المقصود من لزوم أن يكون المتكلم في مقام البيان الذي هو مفاد المقدمة الأولى مجرد أن يبين تمام مراده، ولم يؤخذ فيه أن يكون بيانه هذا بطريق الإطلاق أو العموم أو غيرهما، فتفسير كونه في مقام البيان بكونه في مقام بيان تمام الموضوع للحكم اشتباه واضح، وعليه فإذا قال - وهو في مقام البيان -:
" البيع حلال "، وكان البيع بالعقد العربي محل كلام بين المتكلم والمخاطب، فلا ينبغي الريب في أن المخاطب إذا التفت يفهم من هذا الكلام أن البيع بالعقد العربي حلال، وإن كان انفهامه هذا من باب تطبيق هذه الطبيعة الكلية على مصداقها المتيقن، فكيفما كان فقد فهم حكم البيع بالعقد العربي من كلام المتكلم، فهو قد أفاد وبين حكم العقد العربي، وإن كان ببركة تطبيق الكبرى على مصداقها المقطوع، فمع غمض النظر عما سبق، أمكن أن يقال: إنه مانع عن انعقاد الإطلاق في ما عداه من المصاديق والأفراد، والله العالم وهو العاصم.
إشكال ودفع: قد يقال - على المقدمة الأولى -: إن اعتبارها صحيح في ما وقع المطلق في الاثبات والأوامر، دون ما إذا وقع في النهي أو النفي، وذلك أن كون المتكلم في مقام الإهمال في الأوامر والاثبات يمنع عن انعقاد الإطلاق، ويوجب ظهوره في الإهمال، ولا ينافيه ورود المقيد ولو في كلام منفصل، وأما في النفي أو النهي فمجرد تعلقه بالطبيعة كقوله: " لا تشرب الخمر "، وقوله: " لا رجل في الدار " يوجب ظهور الكلام في أن المنفي هو نفس الطبيعة، وقد حقق أن انتفاءها بانتفاء جميع الأفراد، فصدور الكلام المشتمل على النفي أو النهي المتعلق بالطبيعة ظاهر