المعنى المطلق تمام موضوع حكم المتكلم - مثلا - ثم إن وجود هذا المعنى في تمام الأفراد أوجب سراية الحكم إليها، بدليا أو شموليا، بحسب اختلاف خصوصية المقامات، والتحقيق أن الكلام في اقتضاء المقدمات لحمل المطلق على نوع خاص مما ينطبق عليه أيضا كذلك.
توضيحه: أن استعمال اللفظ الدال على الوجوب هيأة كانت أم مادة في مقام الإجمال أو الإهمال استعمال صحيح محتمل، كما في استعمال أسامي الأجناس في ذلك المقام، فلا محالة حمله على غيره محتاج إلى أن يكون المتكلم في مقام بيان تمام المراد، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا ريب في أن هيأة إفعل أو مادة الوجوب ظاهرة بنفسها في فعلية الوجوب، قبال تعليقه واشتراطه بشرط، وحينئذ فإذا كان المتكلم في مقام بيان تمام مراده من جهة المكلف وسائر ما يتقوم به الوجوب ومن جهة الأحوال أو الأزمان المعتبرة في الحكم، فقال مثلا: " صل ركعتين " فظاهر الهيأة هو الوجوب الفعلي، ومتعلقه هو ذات المخاطب، وحيث إنه في مقام بيان تمام ما يتوقف عليه الحكم، ولم يذكر قيدا خاصا، بل إنما علق الحكم على ذات المخاطب، فإطلاق كلامه يقتضي أن يكون تمام ما يتعلق عليه ويتوقف عليه الحكم هو ذات المكلف، فبتحقق المكلف يكون الحكم فعليا بلا انتظار أي شرط آخر، فهذا الإطلاق يقتضي أن يكون الوجوب مطلقا من ناحية غير ذات المكلف المخاطب ووجوده.
كما يقتضي أيضا أن يكون الوجوب نفسيا، إذ الوجوب الغيري متوقف على فعلية الوجوب النفسي المتعلق بذي المقدمة، وهو خلاف إطلاق الكلام المقتضي، لأن ذات المخاطب هو تمام ما يتوقف عليه فعلية الحكم.
وكما يقتضي أيضا أن يكون الوجوب عينيا، فإن التحقيق - على ما مر في البحث عن الوجوب الكفائي - أن الفرق بين العيني والكفائي، إنما هو من جهة المكلف، فإذا جعل عمل خاص كدفن الميت على عهده شخص يكون واجبا عينيا، وإذا جعل على عهدة جمع يكون واجبا كفائيا، وعليه فإطلاق الكلام