بفعلية وجود المكلف، ولا يرونه متقوما بحضور ظرف العمل.
وعليه فلا يعقل تعلق التكليف بالمعدوم، وإن صح تعلقه بالغائب عن محضر الخطاب.
نعم، لا بأس بانشاء التكليف على عنوان عام، على نحو القضايا الحقيقية، مثل قوله تعالى: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * فالتكليف بالحج قد أنشئ على كل من استطاع، وهو معنى لا يتحقق إلا بعد وجود الإنسان واتصافه بالاستطاعة، فلا محالة يكون متعلق هذا التكليف الفعلي المكلف الموجود الواجد لشرط الاستطاعة، فما لم يتحقق هذا الموضوع فلا أثر من التكليف بالنسبة إليه، إلا انشاء التكليف لا وجوده الحقيقي الفعلي، ولا وجوده الإنشائي، فإن المنشأ بمثل الآية هو التكليف الفعلي لا غير، فالمتحقق هو انشاء التكليف الفعلي لا التكليف الإنشائي.
الثاني: لا يصح توجيه الكلام والمكالمة والمخاطبة وهو المقصود من الخطاب الحقيقي إلا مع الحاضر في مجلس الخطاب الملتفت إليه، سواء كان الخطاب بالأداة المختصة به كياء النداء وضمير الخطاب، أم كان بمجرد المكالمة وتوجيه الكلام إليه، فلا يجوز الخطاب الحقيقي مع الغائب عن المجلس فضلا عن المعدوم حينه.
فيعتبر صلاحية المخاطب للإلتفات إلى الخطاب، وكونه في مجلس الخطاب أي في مسمعه، وإن لم يعتبر اتحاد المكان، وبالجملة، فالمكالمة الحقيقية المعبر عنها بالخطاب الحقيقي إنما تتصور إذا كان هذا الكلام الشخصي بحيث يسمعه مخاطبه.
وعليه فالتكلم مع الجماد الحاضر ونداؤه ليس خطابا حقيقيا، وتكلم العبد مع الله تعالى خطاب حقيقي، لأن المخاطب يسمع الكلام ويدركه، وإن لم يكن بالجارحة المخصوصة، وهكذا النداء والسلام على أوليائه المعصومين " صلوات الله عليهم أجمعين " خطاب حقيقي لهم، بعد كونهم يسمعون كلامنا، وأما كلام الله