لفظ المستثنى بين كثيرين اشتراكا لفظيا كالمثال، مضافا إلى ما في كلام الأعاظم من امكان استعمال لفظ " زيد " في عنوان المسمى بزيد، وكفى به في امكان المطلب.
المقام الثاني: في الاستظهار، وقد اعتقد صاحب الكفاية هنا، إجمال الكلام من هذه الجهة مطلقا، إلا أنه فصل بعض الأعاظم، بأنه لو جئ باسم ظاهر واحد في صدر الكلام، وبضميره في الجمل التالية، كان الاستثناء راجعا إلى الجميع، ولو جئ باسم ظاهر آخر في بعض الجمل التالية - سواء كان تكرار الاسم الأول أم لا - كان راجعا إلى هذه الجملة وما بعدها لو كانت متضمنة لضميره وتبقى ما قبلها على عمومها وعلله بأن الاستثناء راجع إلى عقد الوضع، ومقتضاه ما ذكرنا.
أقول: أولا: والحق أن الاستثناء ليس مثل سائر القيود الواردة على الموضوع، لكي يوجب تقييد الموضوع في المرحلة السابقة على تعلق الحكم به، كما إذا قيل:
أكرم العلماء العدول، بل الظاهر من قوله: " أكرم العلماء إلا الفساق " جعل الفساق في جانب وإخراجهم من العلماء، ثم تعليق الحكم بالعلماء الذين بقوا بعد اخراجهم، وهذا أيضا في مرحلة الجد، وإلا فالعلماء مستعمل في مفهومه العام، بلا ايراد تقييد عليه أصلا، ولو من طريق تعدد الدال والمدلول، كما مر الكلام فيه سابقا.
نعم، لو لم تكن الأداة مستعملة في الاستثناء، بل كانت مستعملة في توصيف المستثنى منه، كانت راجعة إلى عقد الوضع كما في سائر القيود، لكنه خلاف الفرض.
وثانيا: لو سلمنا رجوع الاستثناء أيضا كسائر القيود إلى عقد الوضع، فأي دليل لعدم رجوعه إلى خصوص الأخيرة في ما إذا كان ضميرا.
وربما يوجه عدم رجوعه إلى خصوصها حينئذ بما حاصله: " أن الضمير من قبيل أسماء الإشارة، فلا يأهل أن يستثنى منه شئ، فإن الاهل لذلك، هو المشار إليه، كما أنه لو اشتمل المستثنى على الضمير كان هذا وجها آخر أيضا لعدم أهلية الضمير لأن يرجع إليه ضمير، فلا محالة يرجع الاستثناء والضمير إلى الاسم الظاهر المذكور أولا، ويستثنى منه ثم يرجع الضمائر الاخر إليه بعد الاستثناء " (1).