بقوله: والذي ينبغي أن يكون محل الكلام... إلى آخره أنه بعد تحقق بطلان تلك المباني في محله، وعدم وفاء العلم الإجمالي باثبات جميع أبعاد المرام، فينبغي أن يكون محل الكلام ما أفاده.
ثم إن الرجوع إلى العام قبل الفحص عن مخصصه أحد مصاديق الرجوع إلى أصالة الظهور قبل الفحص عما يخالفه، سواء كان مخصصا له أو مقيدا أو حاكما أو قرينة أخرى على إرادة خلاف الظاهر، فلا يتوهم خصوصية للرجوع إلى العام أصلا.
ثم إنه استدل هنا بوجهين:
أحدهما: مسألة المعرضية، والمراد بها: أنه إذا كان هنا عمومات، وكان لها مخصصات، وكل منها في معرض أن يرد عليها مخصص، فمع هذه المعرضية فلا يجوز التمسك بالعام إن بعد الفحص في مظان وجود هذا المخصص واليأس عن الظفر به، فالمعرضية بهذا المعنى بنفسها موجبة للفحص. وليس المراد بالمعرضية مجرد جريان عادة المتكلم كثيرا على إرادة خلاف الظاهر بقرائن منفصلة، فإن هذا المعنى من المعرضية إن أوجب الفحص كان اللازم منها عدم جواز التمسك بالعام مع احتمال ورود المخصص بعد ذلك حتى فيما علم بعدم وروده بعد، وهو مما لا يمكن الالتزام به.
والوجه الثاني: العلم الإجمالي بورود مخصصات لهذه العمومات، وهو يوجب سقوطها عن الحجية إلا إذا خرج عام بالفحص عن أطراف الاحتمال.
وأورد عليه تارة: بأن الفحص التام في الأخبار التي بأيدينا أيضا لا يوجب جواز الرجوع إلى العام، لاحتمال وجود المخصص في أخبار الأصول الأربعمائة التي لم تصل بأيدينا.
والحق أن منشأ هذا العلم الإجمالي بالمخصصات إذا كان نفس هذه الأخبار التي بأيدينا، فلا محالة يكون المعلوم بالإجمال محصورا فيها، فبالفحص وعدم الظفر بالمخصص فيها لعام يخرج العام المذكور عن الطرفية.