رابعها - أن يوجب تعنونه بعنوان غير المخصص، كغير الفاسق وغير القرشية بنحو السلب العدولي، وخامسها - أن يوجب تعنونه بعنوان الذي ليس بالعنوان المخصص، كالعالم الذي لم يكن فاسقا بأن يتصف بهذا السلب المحصل، وهنا احتمالات اخر سيظهر.
والتحقيق في المقام أن حقيقة كل حكم بعثي أو غيره ليس صرف ما يدل عليه اللفظ في الاستعمال ما لم ينضم إليه إرادة المتكلم به، فحقيقته هو المعنى الذي أراده المنشئ حقيقة، وإلا كان خيال حكم لا حكما، وعليه فإذا ورد على العموم تخصيص، فلو كان تمام موضوع حكمه الحقيقي هو نفس ما كان موضوعا له قبل التخصيص، بلا تصرف فيه ولا في حالات ثبوته، لما بقي للمخصص موضع أصلا، إذ المفروض أن كل عالم - مثلا - في جميع الحالات محكوم حقيقة بوجوب الاكرام، ومعه فأين موضوع لا تكرم الفساق، ولا يصح قياس المطلب بموت الفرد، إذ الحكم مرتب على ما كان فردا لعنوان العالم، والموت يوجب خروج الفرد عن الفردية، من غير تضيق لموضوع الدليل، وهو بخلاف ما كان الفرد باقيا وموصوفا بعنوان به فرديته كما لا يخفى.
وحينئذ فلا بد من التصرف بأحد وجهين: إما بأن يبقى عنوان العام على تمام الموضوعية، ويختص ظرف ثبوت الحكم عليه بما إذا لم يكن معنونا بعنوان المخصص، وإما بأن يتصرف في عنوان العام ويقيد بعنوان غير مجتمع مع عنوان المخصص، فكلا التصرفين ممكن ثبوتا، ولابد من أحدهما قطعا.
نعم، جعل الشرط المزبور لثبوت الحكم على عنوان العام أو الوصف المتصف به عنوانه وجود ضد عنوان لعنوان المخصص، أو كل عنوان مغاير له، خلاف متفاهم العرف قطعا، فالأمر دائر بين ذلك السلب العدولي والتحصيلي، فيصير حاصل الأمر في المثال: إذا لم يكن العلماء فساقا أو إذا كانوا غير فاسقين يجب اكرامهم، أو يصير حاصله: أكرم كل عالم ليس بفاسق، أو غير فاسق.
إذا عرفت هذا فالكلام تارة في ما إذا كان الموضوع موجودا إلا أنه لم