فلا يصح ما في التقريرات - إلا أنه مع ذلك كله فليس مفاده إلا أن الصلاة تتحقق حال كونها مع الطهارة فقط، فكما أنه إذا قال بالمنطوق ينحصر وجود الصلاة التي هي مطلوبة له تعالى في حالة كونها مصاحبة للطهارة، فلا يدل هذه العبارة على أزيد من اشتراطها بالطهارة، فهكذا هذا النفي المستفاد من المفهوم.
وأما الاستدلال للمختار بأنه (صلى الله عليه وآله) كان يقبل اسلام من يعترف بمفاد كلمة التوحيد، ففيه: أنه لو اغمض عن التبادر، فلعله كان لدلالة قرينة الحال على إرادته لإثبات الوجود له تعالى، لا صرف استثنائه عما سبق والسكوت عن حكمه.
ثم إن في دلالة الكلمة المباركة على ما هو المعتبر في الإقرار بالتوحيد، من الشهادة بوجوده تعالى ونفي امكان غيره، اشكالا، إذ لو قدر الخبر موجود، أو قيل بأن النفي المستفاد من لفظة لا عدم محمولي، لما دل الاستثناء على نفي امكان غيره، ولو قدر ممكن لما دل على وجوده تعالى.
والظاهر أن الإله من أله بمعنى عبد، فعال بمعنى المفعول، ولما كان المشركون في زمان بعثته (صلى الله عليه وآله) مشركين في عبادته تعالى، فهو وهم كانوا متفقين في أن واجب الوجود خالق السماوات والأرض ومن فيهن هو الله تعالى (1) وإنما كان اختلافهم في أنهم أشركوا به تعالى في مقام العبادة شفعاء (2) عنده تعالى، فالمحتاج إليه في إقرارهم أن يشهدوا بانحصار المعبود فيه تعالى، فإذا قيل - والوضع هذا - لا معبود إلا الله، مع أن الأرض مملوة من المعبودات غيره، فلا محالة يراد به أنه لا معبود يحق له العبادة إلا الله تعالى، وهذه العبارة بمدلولها وإن كانت تحصر وجود المعبود بالحق فيه تعالى، ولا تنفي امكان حقية العبادة لغيره مما يمكن أن يوجد بعدا أو وجد وانعدم قبلا، إلا أن الناس لما لم يكونوا متوجهين إلى هذه المعاني، وكانوا مريدين بهذه العبارة أن يدخلوا في سلك المسلمين قبل منهم اسلامهم.