هذا الباب ليس هو التوقف العقلي الدقي الفلسفي، بل ترتب ذي المقدمة عليها بنظرهم، وهو حاصل هنا بالضرورة، هذا مضافا إلى ما عرفت من انكار حكم العقل بالملازمة بين وجوب الشئ ووجوب مقدمته، في ذلك المبحث، فتذكر.
ثم إنه قد يقال: بأن الخروج واجب نفسي عقلا وشرعا، من باب رد المغصوب إلى صاحبه.
لكن الحق خلافه، فإن العقل تبعا لما ثبت من الشرع، لا يحكم إلا بحرمة التصرف في مال الغير وحرمة رفع سلطنته عن ماله، وإذا تصرف فيه أو رفع سلطنته عنه فحيث إن هذا الحرام لا يخرج عن عصيانه، إلا بترك التصرف والخروج، وبرده إلى مالكه، فلذلك يراه العقل لازما بهذا الملاك، لكي لا يقع في الحرام الزائد، وبعد هذا الحكم العقلي العقلائي لا ينفهم من الأمر برد المغصوب أزيد من ذلك كما لا يخفى.
هذا خلاصة الكلام في هذه المسألة، وبالتأمل فيها يظهر ما في كلمات الأساتيذ والمشايخ من النقض والإبرام، فراجع.
هذا كله حكم نفس الخروج عن الدار المغصوبة.
واما الصلاة فيها، فعلى القول بجواز الاجتماع لا ينبغي الإشكال في صحتها، وأما على الامتناع فإن كان الاضطرار حتى في حال الصلاة لا بسوء الاختيار فكذلك أيضا، وله أن يقصد بصلاته امتثال الأمر المتوجه إليها، إذ غصبه هذا وإن كان مبغوضا فعليا إلا أنه لا بأس باجتماع الحب والبغض الفعليين على شئ واحد ذي جهتين، وإنما الممنوع اجتماع البعث والزجر، فإذا سقط النهي بحكم الاضطرار فلا مانع من الأمر بالصلاة، ومعلوم أنه لا يقع مبعدا حتى يمتنع التقرب به.
نعم، إذا أمكنه الخروج فلم يخرج حتى صلى فيها فالمتجه بطلان صلاته، وإن لم يزد بقائه للصلاة على مقدار خروجه، وذلك أن رفع الحكم للاضطرار لما كان لمكان اللابدية فقط فلا محالة - ولو بتناسب الحكم والموضوع - يختص بخصوص