عليه كلمات القائلين به.
وثانيا: أن تمام حقيقة النهي التنزيهي كالتحريمي هو المنع والزجر عن المنهي عنه، لا أن النهي التنزيهي زجر عن الفعل وترخيص فيه، وإنما يفترقان في أن المولى يرخص في مخالفة النهي وعدم امتثاله في أحدهما دون الآخر، فالترخيص متعلق بمخالفة النهي لا بنفس الفعل، والمتضمن للترخيص فيه صريحا هو الإباحة، وضمنا والتزاما هو الوجوب أو الندب، وحينئذ فمنع الشارع عن طبيعة بنحو السريان يقتضي المنع عن جميع أفرادها، وهو مناف للترخيص الساري الذي استفيد من جعل الوجوب على صرف الوجود من الطبيعة.
وثالثا: أن ارجاع النهي في القسم الأخير إلى النهي عن الخصوصية قد عرفت مفصلا أنه خلاف الظاهر من الأدلة، لا يصار إليه ما أمكن. هذا كلامه (قدس سره) في القسمين الأخيرين.
وأما القسم الأول: فإنه (قدس سره) بعد رد ما في الكفاية من انطباق عنوان راجح على الترك بعدم معقولية كون كل من فعل شئ وتركه راجحا مبعوثا إليه شرعا، فإن المتيقن من موارد الكسر والانكسار في الملاك هو النقيضان، قال:
والأولى: في التوجيه أن يقال: إن مركب الأمر هو ذات العمل كالصوم - مثلا - ومركب النهي هو التعبد به والتقرب به إليه تعالى. نعم، لو كان النهي تحريميا كان منافيا لاستحباب العمل، لأن حرمة التعبد لا تجامع صحة العمل، بخلاف كراهة التعبد المتضمنة للرخصة (1). " انتهى ملخصا ".
وفيه أولا: أن ما أورده على الكفاية إنما يرد لو جعل موضوع النهي نفس ترك العبادة، وهو خلاف ظاهر عبارته بل خلاف صريحها، بل قد ذكرنا أن وجه عدوله (قدس سره) هو عدم امكان تعلق الفعلي بفعل الشئ وتركه معا فتذكر.
وثانيا: أنه بعدما كان المفروض عبادية العمل، فلا أقل من أن يكون غرض المولى الذي قام بصدد تحصيله قائما بإتيان الصوم - مثلا - بداعي أمره والتقرب