وأما ارجاع النهي إلى الارشاد إلى الفرد الكامل - كما في الكفاية - بملاحظة أن هذا العنوان المتحد مع العبادة يكون من مشخصات العبادة، الموجبة لنقص في مصلحتها بما أنها عبادة، فهو خلاف ظاهر الأدلة جدا، إذ المفروض أنه قد فهم منها أن النهي حقيقة متوجه إلى العنوان المنطبق، كالكون في بيوت الظلمة - مثلا - فكما أن الكون فيها مكروه نفسي في غير الصلاة، فكذلك فيها، فكيف يمكن حملها على ما مر في القسم الثاني. هذا.
ثم إن المحقق النائيني (قدس سره) - على ما في تقرير بحثه - مشى في حل الاشكال مشيا آخر لا يخلو عن نظر.
أما في القسمين الأخيرين: فملخص كلامه: أن تعلق النهي التنزيهي بعنوان عام من وجه مع عنوان العبادة - كما في القسم الأخير - أو خاص مطلقا معه - كما في القسم الثاني - لا ينافي تعلق الأمر الوجوبي أو الندبي بطبيعة العبادة باطلاقها، على الامتناع أيضا، وذلك أن وجه الامتناع ليس لزوم اجتماع المتضادين على شئ واحد هو مجمع العنوانين، إذ النهي وإن تعلق بالطبيعة بنحو مطلق الوجود، فيسري إلى جميع الأفراد، إلا أن الأمر متعلق بها بنحو صرف الوجود، فلا يسري إلى أي فرد أصلا، وإلا لوجب الإتيان بهذا الفرد وعدم التعدي عنه إلى غيره، والفرض خلافه، بل وجهه أن تعلق الأمر بصرف الوجود من الطبيعة يقتضي بحكم العقل أن يكون كل فرد منها مرخصا فيه في مقام الامتثال، وهذه الرخصة منافية للمنع المستفاد من شمول دليل الحرمة له، وهذا الوجه كما ترى لا يجري في النهي التنزيهي، إذ نفس النهي التنزيهي متضمن للترخيص في إتيان المنهي عنه، فلا بأس باجتماع الأمر مطلقا والنهي التنزيهي في الواحد أصلا، " انتهى ملخصا موضحا " (1).
وفيه: أولا: أن ما أفاده من عدم ابتناء القول بالامتناع على السراية، خلاف صريح الكفاية والفصول، وبالجملة فما جعله وجها وحيدا للامتناع مما لا ينطبق