أن ينهى عن المجمع نهيا فعليا تنزيهيا ويخص مورد أمره بغيره، فالمجمع منهي عنه ليس إلا، وإن كان مشتملا على ملاك وجوبي، إذ وضع الأمر عنه لم يكن لغلبة ملاك النهي، بل للجمع بين الأغراض في مقام الاستيفاء.
نعم، من لم يلاحظ نهي المولى وأتى بالواجب في المجمع، فلمكان اشتماله على جميع مصلحة العبادة، ووفائه بجميع غرض المولى، وغلبة ملاكها على ملاك النهي، وزيادته عليه، يكون عمله صحيحا، ويتقرب به إلى المولى، فصحة العبادة حينئذ لاشتمالها على الملاك، لا لكونها مأمورا بها. هذا.
والعجب أن صاحب نهاية الدراية (قدس سره) فسر كلام الدرر بأنه التزام برجوع النهي إلى الكون في الحمام، فأورد عليه بأنه بلا وجه، بل ربما يكون نفس الكون في الحمام راجحا، ثم أختار هو (قدس سره) في حل الاشكال ما يرجع إلى مختار الدرر بعينه، فقال: ان طبيعة الصلاة على ما هي عليه من المصلحة بحدها، لكن لتشخصها بالمكان الخاص تحدث فيها حزازة لا تقاوم تلك المصلحة... إلى آخره (1).
فإنه كما ترى يرجع ما اختاره وعبارته كالصريح فيه في الدرر، لا إلى ما ذكرناه، إذ مبناه كما مر على حدوث منقصة في الصلاة بما هي صلاة فتدبر جيدا.
وأما القسم الثالث: المفروض فيه انفهام أن المكروه والمنهي عنه بالحقيقة هو العنوان الآخر الملازم أو المنطبق على العبادة، فحل الاشكال فيه على الامتناع، أما في الملازم فبان النهي لم يتوجه إلى العبادة فهي مأمور بها، والعنوان الملازم منهي عنه، إلا إذا قلنا بامتناع اختلاف المتلازمين بالبعث نحو أحدهما والزجر عن الآخر، فإنه عليه يكون هذا العنوان مكروها فعليا، وصحة العبادة لاشتمالها على الغرض التام، لا لتعلق الأمر بها أيضا، وأما في العنوان المنطبق عليها فحفظ ظهور النهي التنزيهي في فعلية الزجر يقتضي القول: بأن المجمع مكروه فعلا، ويكون صحة العبادة بلحاظ اشتمالها على ملاك العبادة، كما مر آنفا تفصيلها ذيل البحث عن كلام الدرر.