الأخذ بظهوره، وتسوية هذا الشق مع ما يتلوه، هذا كله فيما كان الملاك غرضا واحدا.
وأما إذا كان ملاكه غرضين متزاحمين في الوجود، فالمراد من كونهما كذلك أن الممكن إنما هو وجود أحدهما، وإن أتى بكلا الفعلين فإنما يترتب أحدهما، فينطبق على الواجبات التخييرية في الشريعة، وذلك مراد الكفاية لا الصور الأخرى المتصورة في نهاية الدراية، إلا أنه أورد على مثله - في النهاية - بأن كلا منهما متعلق لغرض المولى وإنما منع المولى من البعث إليهما تزاحمهما في الوجود، فيكون التخيير بينهما كالواجبات المتزاحمة عقليا لا شرعيا.
وأنت خبير بما فيه، فإنه في الواجبات المتزاحمة، حيث إن التزاحم بلحاظ عجز العبد، وهو يتحقق أحيانا في التكاليف القانونية، فلذلك لا يمنع عن بعث المولى نحوهما، ونتيجته أنه لا يصل مرتبة الفعلية أو التنجز إلا أحدهما فقط، مخيرا بينهما بحكم العقل، حيث لا ترجيح، وأما فيما نحن فيه فلا يمكن تحقق غرضي المولى بنفسهما، فما يشتاق المولى نحوه ليس قابلا بنفسه للتحقق، وعدم امتناع التحقق عند العقلاء شرط أصل التكليف، ولذلك فلا يمكنه البعث نحو كلا الفعلين، ولابد للمولى من البعث إليهما تخييرا شرعيا. هذا.
نعم، يمكن تصويره بوجه ثان، وهو أن يترتب على كل من الأفعال الأثر المتوقع منه، إلا أنه لا يكون متعلق الغرض إلا وجودا واحدا من هذه الآثار، كما يمكن تصويره في صورة الإرفاق المذكور في نهاية الدراية.
وتحقيق المقام يتم بتبين أمر العلم الإجمالي، فنقول: قد عرفت مما مر في بيان متعلق الأوامر أن المعلوم حقيقة هو نفس الأمر الخارجي، إلا أن قوام العلم إنما هو بوجود صورة منه في الذهن وافق النفس، فإذا كان العلم تفصيليا فهذه الصورة صورة شخصية متعلقة لاذعان النفس، مثل الصورة الحاصلة من سماع " زيد قائم " - مثلا - وهذه الصورة الشخصية فانية في ما تحكي عنه، وأما إذا كان العلم إجماليا فقد وقع أيضا في النفس صورة شخصية، إلا أنه الصورة الحاصلة