من سماع: إما " زيد قائم " وإما " عمرو قاعد " - مثلا - فإذا وقعت هذه الصورة الشخصية الفانية في محكيها متعلقة للإذعان فقد علم الشخص علما إجماليا، فكما أن المحكي بالجملة المزبورة خصوصية قيام زيد أو قعود عمرو، غاية الأمر بنحو الترديد، كذلك المعلوم أيضا إحدى الخصوصيتين، لتعلق الاذعان بنفس ما تحكي عنه، فمتعلق العلم أمر مشوب بالترديد ومتقوم به، لا أن ضم الجهل إلى العلم أوجب الترديد، والعلم متعلق بإحدى الخصوصيتين، لا بحيث يكون المعلوم هو الجامع بينهما، كيف والجامع غير حاك عن شئ من الخصوصيتين، كما في جميع الجوامع، وهاهنا المعلوم إحدى الخصوصيتين بخصوصيتها، غاية الأمر أنه بنحو الإجمال لا التفصيل، ولو عبر عنه بإحداهما فهو إشارة إلى نفس الخصوصية لا الجامع بينهما، وهذا كله لا يوجب قيام العلم بصورة مبهمة غير شخصية كما عرفت. ولمكان أن العلم لم يتعلق بالمفهوم الجامع نعبر ونقول: إن المعلوم أحدهما المصداقي لا المفهومي.
إذا عرفت هذا في العلم الإجمالي، نقول فيما نحن فيه: إذا كان للمولى غرض واحد قائم بشيئين، أو غرضان بالتفصيل السابق، فهو يبعث عبده إلى إتيان أحدهما، فبعثه هذا لا يفارق بعثه في سائر الموارد من الواجبات التعيينية، والإتيان المتعلق به البعث أيضا كذلك، إلا أن ما يتعلق به الإتيان هو الصوم أو الصلاة بنحو التخيير للعبد، فقوام هذا البعث الاعتباري بعنوان إتيان الصوم أو الصلاة - فانيين في الواقع كفناء مفهوم لفظة أو في التخيير، فالبعث متقوم حقيقة بهذا العنوان المتشخص، والموجود المبين، لكن بما أن العنوان فان في المعنون، وواسطة في تعلق الأمر به، بالمعنى الذي مر شرحه من التعلق، فالوجوب يتعلق بالصوم بما أنه صوم والصلاة بما أنه صلاة، غاية الأمر تخييرا لا تعيينا، لا بالعنوان الجامع بينهما، ولذا نعبر ونقول: إن الواجب هو أحدهما المصداقي لا المفهومي.
وهذا الذي ذكرناه هو الظاهر العرفي من أدلة الواجبات التخييرية، وهو الذي