كما أن قوله (عليه السلام): " رفع مالا يطيقون " ظاهر في أن مالا يطاق محكوم في الشرع بالعدم، وعدمه مستلزم لعدم كل حكم مترتب عليه، فحديث الرفع نفسه شاهد التخصيص على عموم الأدلة في مورد العجز، كموارد النسيان والخطاء والاضطرار والإكراه، ومثله أخبار متعددة أخرى فراجع.
لكنه مع ذلك لا ينافي عدم جواز تحصيل هذه العناوين اختيارا ووجوب الإحتياط لدى الشك فيها بالبيان الذي أشير إليه، ودعوى: أن عنوان مالا يطيقون مختص بالممكن عقلا المتعسر على المكلف خلاف ظاهر إطلاقه، كما لعله لا يخفى.
قال - مد ظله -: إذا عرفت هذه المقدمات فبناء على أن التكاليف القانونية مختلفة المبادي مع الخطابات الشخصية، وبقاء عمومها في مورد العجز، فالتكليف بالضدين كليهما لا بأس به، إذ هو لا يزيد على التكليف بخصوص مالا يقدر عليه، وأما بناء على اشتراكهما في المبادي فيمكن أيضا القول: بتعلق التكليف بهما في عرض واحد، وذلك لما عرفت من أن المولى في عالم جعل كل تكليف إنما يجعله على نفس الطبيعة الموضوعة لهذا التكليف، ولا ينظر إلى خصوصية أفرادها، فقوله: " صل " إنما يكون تكليفا بالصلاة لم ير فيه ابتلائها بمزاحمة إزالة نجاسة المسجد، وهكذا العكس، فإذا لم يكن هو في كل تكليف ناظرا إلى مزاحمه، وكان المعتبر في كل تكليف أن يكون قادرا على ايجاد المكلف به، وهو حاصل بالفرض، فأي مانع من التكليف الكذائي بكل من الضدين.
نعم، لو جعل المولى متعلق تكليفه الجمع بين الصلاة والإزالة لكان منافيا لاعتبار القدرة في متعلق التكليف، لكنه لم يجعل ولا يرجع إلى الأمر بالجمع بعد عدم نظره إلا إلى متعلقه (1). " انتهى ".
أقول: أما بناء على اختلاف مبادئهما فما أفاده مبني على عدم استفادة التخصيص من حديث الرفع وغيره، وقد عرفت خلافه، وأما بناء على مسلك القوم