الخامسة - والبحث في الترتب في أنه هل هذا المحذور لازم إطلاق الأمرين بالنسبة إلى حال فعل متعلق الآخر حتى يندفع بالترتب، أو لازم فعليتهما مطلقا حتى يبقى معه؟
ثم فرع عليه أنه على الترتب إنما يقيد إطلاق أمر الأهم - مثلا - أو إطلاق كليهما، من غير حاجة إلى دليل آخر على الترتب، ويلزمه تعدد العقاب إذا تركهما، لحصول شرط المشروط منهما، بخلافه على القول ببطلانه، فإنه لا يمكن بقاء الخطابين، فلا محالة يبقى خطاب الأهم، وفي المتساويين يسقط كلاهما، لعدم الترجيح لأحدهما، ولبقاء الملاك يستكشف خطاب آخر تخييري بينهما، ويلزمه وحدة العقاب إذا تركهما.
ثم قال: والعجب من الشيخ الأعظم (قدس سره) حيث إنه مع قوله ببطلان الترتب اختار في الخبرين المتعارضين - بناء على السببية - أن الأصل يقتضي وجوب العمل بكل منهما حين ترك الآخر، وهو قول بالترتب من الجانبين، فهل ضم ترتب إلى آخر يوجب صحته؟ " انتهى ملخصا ".
وفيه: أولا: أن حصر المحذور فيما ذكر ممنوع، بل - كما يظهر من تقريرات الشيخ الأعظم (قدس سره) وسيأتي - إن المحذور كله أن للمكلف قدرة واحدة، ولا يصح تكليفه بأزيد مما تقتضيه هذه القدرة.
وثانيا: أن ما أسنده إلى الشيخ (قدس سره) في غير محله، بل كلامه مبني على عدم الترتب فإنه صرح بأن الواجب إنما هو أحدهما لا بعينه، وهو الوجوب التخييري الذي يقول به القائل ببطلان الترتب، فإنه قال في آخر عبارته ما هذا لفظه: إذا أمر (الشارع) بشيئين، واتفق امتناع ايجادهما في الخارج، استقل (العقل) بوجوب إطاعته في أحدهما لا بعينه لأنها ممكنة فيقبح تركها (1). انتهى.
المقدمة الثانية: لما كان مرجع اشتراط كل وجوب بشرط إلى تقييد موضوعه بعنوان الواجد لهذا الشرط، وكان أحكام الشرع قضايا حقيقية لا خارجية فلذلك