فهذا هو مرجع كلامه - مد ظله - وإن خالفه في بعض الطريق. على ما تبين مفصلا، بل وفي بعض الموارد، إذ قد عرفت صحة الخطاب نحو شخص واحد إذا ضم موارد عجزه أو عذره الآخر إلى ما لا عذر له فيه، كما عرفت صحة الخطاب نحو العاصي مطلقا.
السادسة: بناء على المقدمة السابقة عموم الخطابات أو اطلاقها شامل للمعذورين، ولا مانع من هذا الشمول من حيث نفس العجز، أو عذر آخر. لكن لا مانع أيضا من تخصيص الخطاب بغير المعذور في غير مورد الجهل، وحينئذ نبحث عن أن هذا العموم هل بقي على ما كان؟
فنقول: إن خاصة التخصيص الوارد على عموم تكليف وجوبي - مثلا - أمران:
أحدهما: جواز أن يخرج المكلف نفسه من عنوان الباقي ويدخله في العنوان المخصص، فإن الحكم لا يحفظ موضوعه، بل هو مجعول وثابت على فرض ثبوت موضوعه.
والآخر: أنه لو شك في المورد أنه داخل في المخصص أو الباقي فاللازم إجراء البراءة عن التكليف المشكوك، وحينئذ ففيما نحن فيه، لو كان الأدلة مخصصة في مورد العجز كان اللازم جواز تحصيل العجز اختيارا، وجريان البراءة وعدم وجوب الإحتياط فيما إذا شك في القدرة، مع أنهم بلا خلاف لم يجوزوا الأول، وأوجبوا الإحتياط في الثاني، وهو لا يتم إلا بناء على بقاء العمومات على ما كانت، فإن عليه التكليف مسلم لا يجوز عدم امتثاله إلا عن عذر، ولا يكون العذر إلا العجز الحاصل بنفسه، لا ما حصله اختيارا، كما لا يعد الشك في العجز عذرا، فلا يعذر فيما كان قادرا وإن كان شاكا فيه.
فإن قلت: بل هو يتم أيضا بناء على بقاء حبه الفعلي بعد تخصيص خطابه، بل ملاك وجوب الامتثال والاحتياط ليس إلا هذه الإرادة وتعلق غرضه الفعلي وقيام الملاك المطلوب، وتعلق الملاك والحب والغرض يستكشف من إطلاق المادة، فإن عدم تقييدها في لسان المولى حجة على تعلق غرضه بها بنحو