منع، فإن الوجدان شاهد على امكان توجيه الخطاب، بصيغة إفعل أو يجب ونحوهما، إلى من يعلم بعصيانه، من دون تجوز في المراد منه هنا، بل يوجه نحو العاصي كما يوجه نحو المحتمل أو المعلوم إطاعته، غاية الأمر أنه إذا لم يطع يصح للمولى أن يعاقبه على عصيانه.
وتوهم أن صحة العقاب لكشف الخطاب عن تعلق الحب والإرادة به فعلا، وهو أعم من تعلق البعث.
مدفوع: بأن ارتكازنا شاهد على عدم ارتكاب تجوز في مفاد الهيأة ونحوها هاهنا، بل نستعملها كما في ساير الموارد بلا فرق أصلا، فهذا الارتكاز القطعي دليل على عدم موضوعية الهيأة للبعث والتحريك بالنحو الذي أفاده - مد ظله - فإن عبر عنه به، فلا محالة يراد منه معنى يجتمع مع العلم بالعصيان.
نعم، لابد في الأمر بشئ من ترتب غرض عليه، وهو إما انبعاث المكلف أو تمامية الحجة عليه، فحصره في الأول مخالف للوجدان.
ولكن مع ذلك كله، فلا يبعد أن يقال: إن توجيه الخطاب إلى شخص خاص ومورد مخصوص وإن كان عند العقلاء مشروطا بشرط قدرة المكلف - مثلا - فلا يصح عندهم أمر العاجز بالخصوص، ولا أمر القادر في خصوص مورد يعجز عنه، إلا أن ضم غير القادر إلى القادرين وضم مورد العجز إلى موارد القدرة يصحح توجيه الخطاب إلى الجميع، والى جميع الموارد من غير تخصيص في العاجز أو مورد عجزه، فقوله: " يجب على الناس صلاة الظهر اليوم " شامل للعاجز أيضا بلا تخصيص، كما أن المولى إذا أراد سفرا وقال لعبده: افعل كذا كل يوم - مع أنه عالم بعجزه بعض الأيام - شامل ليوم عجزه أيضا.
فملخص الكلام: أن ضم العاجز إلى القادر في المكلفين كضم مورد عجز مكلف شخصي إلى موارد قدرته قد يوجب جواز الخطاب إلى مورد لا يجوز توجيهه إليه لو انفرد. ومثل الكلام في العاجز والعجز بعينه الكلام في الناسي والغافل والنسيان والغفلة ونحوهما فتدبر جيدا.