كما أوضحناه.
هذا كله حول التحقيق عن حقيقة المعاني الحرفية.
هل الموضوع له في الحروف عام أو خاص؟
قد عرفت أن المفهوم من نفس الحروف أيضا في الاستعمالات معنى كلي يرد عليه القيد من باب تعدد الدال والمدلول، كما في أسماء الأجناس والمفاهيم الكلية الاخر، وعليه فالموضوع له - كالمستعمل فيه - فيها أيضا عام مثل أسماء الأجناس حرفا بحرف، فتذكر.
فنحن وإن كنا قائلين بأن الموضوع له فيها نفس الربط الخارجي، إلا أنه مع ذلك نقول بأن الموضوع له فيها عام، وكونه عين الربط في الخارج لا ينافي تصور مفهوم ذهني كلي له يوضع ببركته ألفاظ الحروف لمعناها الكلي، كما في أسماء الطبائع والأجناس.
إلا أنه قد يستدل على أن الموضوع له فيها خاص: بأن معانيها لما كانت عين الربط والربط قوامه بالطرفين اللذين ربط كلا منهما بالآخر، فلو أريد أخذ الجامع من المصاديق المتعددة لما كان بد من حذف الأطراف كلها، وحيث إن قوام المعنى الربطي بالطرفين فحذف الأطراف في معنى بطلان حقيقة المعنى الربطي بالمرة، فلا يمكن أخذ الجامع بين مصاديقها حتى يكون هو الموضوع له فيها (1).
لكنك عرفت أن المسلم من تعلق معانيها إنما هو تعلقها في الوجود الخارجي، وهو لا ينافي عدم تعلقها في أخذ المفهوم الذهني، كيف؟ وليس تعلقها بالأطراف أشد من تعلق معنى الجنس بحقيقة الفصول التي هي الموجبة لتحصل ذاتها وخروجها عن الإبهام، فكما أمكن أخذ المفهوم الجنسي فهكذا الأمر هنا بطريق أولى، وقد بينا أن المفهوم من نفس الحروف معنى كلي عام بما لم يبق أي شبهة فيه، والحمد لله وحده.