الخارج وعدمها، حتى أنه (قدس سره) أيضا كان إذا أخبر بأنه زار قبر المولى أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقصد هو إلا أنه زار قبره، لا أن مقصوده كان الإخبار بأنه قصد الحكاية عن زيارته، فقصد الحكاية وإن كان من مقدمات الحكاية إلا أنه ليس هو المحكي والمدلول عليه بالألفاظ، بل لا ريب في أن مدلولها الحكاية عما في الواقع بشرح ما مر.
وثانيا: أنه ليس من فروع القول بالتعهد، إذ التعهد لا يقتضي إلا التكلم باللفظ الموضوع عند إرادة تفهيم معناه، وأما أن يستعمل اللفظ في هذه الإرادة والقصد فلا، بل الحق أنه يتعهد باستعمال اللفظ وإفنائه في نفس المعنى بحيث كان المعنى كأنه الملقى كما مر.
وثالثا: أن ما ذكره من لزوم حصول الظن بمفاد الجملة من مجرد سماع لفظها، ففيه: أن الأمر كذلك في الدلالات غير الوضعية، كالطبعية، والعقلية. وأما الدلالة الوضعية فحصول الظن بتحقق مفادها منوط بالاعتماد على من يكون ثقة ويتكلم بها جدا، كما لا يخفى.
ثم إنه قد اختار في الجمل الإنشائية: أن مفادها هو الاعتبار النفساني الذي اعتبره عند نفسه من يقوم بصدد الإنشاء بها، كالملكية الاعتبارية، والزوجية الاعتبارية، والوجوب الاعتباري الذي بمعنى اعتبار كون المادة على عهدة المكلف في البيع، والتزويج، والإيجاب.
قائلا: إن الإيجاد التكويني غير مراد وباطل هنا جزما، والإيجاد الاعتباري عند نفسه يكفيه نفس اعتباره، فالتوصل إليه بالإنشاء لغو قطعا، وإيجاد الاعتبار الشرعي والعقلائي منوط باستعمال الجملة الإنشائية في معناها، والكلام الآن في تعيين ذاك المعنى (1).
وهو أيضا نظير ما اختاره في الجمل الخبرية مما لا يمكننا تصديقه، لما عرفت من أن التبادر القطعي قاض بأن مفاد الجمل الإنشائية هو المعاني التي حقيقتها