يبرزه فلا إشكال في صحة إمكان الحكاية حتى في ما كان المحكي غير مطابق للواقع، كما لا يخفى.
هذا كله في الجمل الخبرية.
وأما الجمل الإنشائية فالوجدان قاض بأن كيفية استعمال الألفاظ فيها عين استعمالها في الخبرية وفي سائر الاستعمالات، وحقيقة الاستعمال - كما مرت إليه الإشارة وتأتي إن شاء الله تعالى - إنما هي إلقاء المعاني المقصودة به بحيث لا يرى المتكلم إلا المعاني، وتكون الألفاظ آلة غير ملتفت إليها استقلالا، بل آليا، وعليه فإذا قال المتكلم في مقام إنشاء البيع: " هذا لك في مقابل هذا الثمن " فقد ألقى إلى مخاطبه معنى هذه الجملة، ومن الواضح أن معناه أمر إيجادي، بمعنى أن معناه مصداق الإيجاد. نعم، إنه إيجاد اعتباري.
ومثله لو قال: " بعتك هذا بهذا " أو " عبدي معتق " أو " زوجتي طالق " مريدا بها إنشاء البيع والعتق والطلاق، أو قال: " تصدق بدرهمين ". فإن معنى كل منهما إيجاد لتلك المعاني المختلفة، كما لا يخفى.
فإيجاد هذه المعاني بالألفاظ ليس إلا إلقاء معنى الألفاظ بالاستعمال كما في سائر الموارد، إلا أن معاني هذه الألفاظ بنفسها معان غير حكائية، بل توجد بنفس إلقائها، ولذلك يقال لها: إنها إيجادية. هذا.
والعجب من السيد العلامة الخوئي (قدس سره)، حيث أفاد: أن مفاد الجملة الخبرية قصد الحكاية عن الثبوت أو النفي، وجعل القول به من فروع القول بأن الوضع هو التعهد والالتزام النفساني، مستدلا على بطلان أن يكون مفادها ثبوت النسبة أو عدمها خارجا بأنها لو كان الأمر كذلك كان اللازم حصول الظن بمفادها مع قطع النظر عن حال المخبر وسائر القرائن (1)!
فإن فيه أولا: أن ما اختاره خلاف التبادر القطعي، فإنه لا يرتاب أحد من أهل العرف أن مفاد الجمل الخبرية إنما هو الإخبار عن ثبوت النسب المختلفة في