المعنى الخاص، فإن العمل به إذا تعلق الإرادة بتفهيم حصة خاصة من معنى كلي لا يمكن إلا بكون معاني الحروف تلك التضييقات. الرابع: أنه الموافق للوجدان المطابق لما ارتكز في الأذهان (1) انتهى ملخصا.
أقول: أما ما أورده من الوجهين على القول بكون الموضوع له لهذا القسم من الحروف نفس النسب الخارجية فالجواب عن أولهما ما مر ذيل البحث عن الأعلام الشخصية: من أنه لا وجه للالتزام بحضور نفس الموضوع له في الذهن، بل الحاضر فيه منه ما هو كالمفهوم بالنسبة لمصداقه.
وعن ثانيهما: أن المراد من النسبة هنا أعم منها ومن المفاهيم النسبية. ومن الواضح أنه إذا قلنا: " لله الأمر من قبل ومن بعد " يفهم من اللام معنى الاختصاص وهو مفهوم نسبي، وقد يكون نسبة مصطلحة كما في قولنا: " للماء حرارة " وقد يكون مفهوما نسبيا محضا كما في ما ذكرنا وما ذكره (قدس سره) ولا أظن بالقائلين بوضعها للنسبة غير هذا، والأمر سهل.
وأما ما اختاره من أن الحروف هنا موضوعة للتضييقات: فإن أراد به وضعها لمفهوم التضييق فهو خلاف الوجدان بحكم التبادر القطعي.
وإن أراد به وضعها لمصداقه: فإن أراد أنه لا يفهم من الحروف غير التضييق بحيث لا يفهم من لفظة " من " في قولنا: " سار زيد من البصرة " سوى تضييق مفهوم السير من دون أن يفهم منها معنى الابتداء أصلا فهو أيضا كالأول.
وإن أراد أن الحروف بمالها من المعنى يوجب ضيقا في معاني الأسماء المتعلقة بها فهو أمر صحيح، إلا أن مآله إلى أن لفظة " من " - مثلا - بما له من معنى الابتداء الحرفي يتعلق بالسير مثلا، ويوجب تضيقه واختصاصه بالحصة المبتدأة من البصرة، وهذا هو الذي اخترناه، ونقيض لما اختاره (قدس سره) كما هو واضح.
4 - وقال الشهيد السعيد السيد الصدر (قدس سره): بأن الحروف في هذا القسم قد وضعت لمعانيها الربطية الذهنية، واستدل عليه بما حاصله: أنه إذا قلنا: " سار زيد