وحاصل ما أفاده في بيانه هناك: دعوى القطع ببطلان اتحاد أمر وجودي كالإنسان مع معنى عدمي كلا شجر، فمراده (قدس سره) في الجواب: أن الفعل إنما يلازم ترك الترك، لا أنه متحد معه، والملازمة لا تكفي في سراية حرمة أحد الملازمين إلى الآخر، بل اللازم الاتحاد المنفي هاهنا، فحاصل مقصوده: أن النهي اللازم من وجوب الترك الموصل لا يتعلق بالفعل.
وقد أفاد أيضا: أن وجوب العبادة ورجحانها مشروط بتقدير عدم التوصل بتركه الذي هو من لوازم فعلها، فلا يلزم من وجوبها على هذا التقدير إلا مرجوحية تركها على هذا التقدير لا مطلقا، ومرجعه إلى مرجوحية الترك الغير المتوصل به، وبالجملة: فالعبرة بتقييد الترك في النهي، وتقييد الأمر بتقدير عدمه، فحيث يتحقق الأمران يجوز الاجتماع، وحيث ينتفى أحدهما أو كلاهما يمتنع اجتماعهما، هذا.
وأورد عليه في التقريرات بوجهين:
أحدهما: أنه لا حاجة في تفريع الثمرة إلى هذا البيان الطويل الذيل، إذ يكفي فيه أن يقال إن الواجب من الترك ليس الترك مطلقا، بل فيما إذا ترتب عليه الفعل، وحيث إنه مع وجود الضد لا يعقل وجود الفعل المأمور به، فلا يكون الترك مطلوبا حتى يكون الفعل منهيا عنه فيفسد " انتهى " (1). وتبعها صاحب الكفاية، فجعل هذا البيان وجها لترتب الثمرة، وتبعهما بعض المتأخرين من المعاصرين وغيرهم حتى جعل بعضهم هذا بيانا لكلام الفصول.
والحق عدم صحة هذا البيان على مبنى الفصول، وانحصار بيان ترتب الثمرة على ما أفاده نفسه (قدس سره) وذلك أن قوله (قدس سره) حيث إنه مع وجود الضد لا يعقل وجود المأمور به فلا يكون الترك مطلوبا إنما يتمشى بناء على كون ترتب الفعل ذي المقدمة من شرائط وجوب مقدمته، وصاحب الفصول ينادي بأعلى صوته بأن الترتب والإيصال من شرائط وجودها لا وجوبها.
وعليه فالعجب منهم (قدس سرهم) كيف لم يتفطنوا إلى هذا المعنى؟! ولم أر إلى الآن من