- بعد فرض توقف ذيها عليها - كاف في ايجادها لمن ينبعث بالبعث، ولهذا فكثيرا ما مع توجه الانسان إلى مقدمية شئ لمطلوبه لا يبعث نحوه، ويكتفي بالبعث إلى ذيه.
نعم، ربما يبعث نحوه أيضا إذا كان هنا أغراض أخر مرتبة على البعث نحوه، كما إذا رأى العبد ممن لا يحركه ثواب واحد، بل الثوابان المرتبان على الأمرين بالمقدمة وذيها - بناء على ترتبه على الواجب الغيري كما هو الحق - وتعلق قصده باستيفاء غرضه بهذه المرتبة أيضا، وكما إذا أراد التأكيد فإنه بعدما أمر بذي المقدمة ولم ينبعث المكلف بعد ربما يجعل حبه الغيري في قالب البعث تأكيدا لأمره النفسي، وهذا اظهار لحبه الغيري لا إرشاد إلى الوجوب النفسي، حتى يكون بمنزلة تأكيد لفظي له، والشاهد الوجدان.
وكيف كان فإن جعل هذا الحب الغيري في قالب اللفظ والبعث فلا محالة يكون حكما مولويا، فإن الحكم المولوي مبدؤه تعلق حب الحاكم وميله وشوقه النفساني بعمل بحيث يكون بعثه وتحريكه نحوه مصداقا لاظهار هذه الإرادة والحب، لا بمعنى أن مفاد الهيأة هو اظهار الشوق، إذ لا ينبغي الاشكال في أن مفادها مجرد البعث والتحريك، بل بمعنى أن هذا البعث بالحمل الشايع ابراز لهذا الحب والميل النفسي، في قبال ما إذا دعاه إلى انشاء البعث اظهار المصلحة والارشاد نحوها، بحيث كان بعثه مصداقا بالحمل الشايع للارشاد، وإن كان في جملة مباديه ذلك الحب، لكنه لم يكن فعلا في مقام ابرازه ولو لشفقته على المكلف لئلا يقع في مخالفة أمره.
وبالجملة فإذا تعلق حب المولى بشئ وقام مقام تحصيله من العبد بالبعث وكان هو ممن له هذا عند العقلاء فيكون بعثه هذا بعثا مولويا يترتب العقاب على تركه لو كان نفسيا، والثواب على فعله بداعي أمره مطلقا، فترتب الثواب أو العقاب من آثار الأمر المولوي وفي رتبة متأخرة عن وجوده وكونه مولويا، لا أنه من مقوماته كما يظهر من نهاية الدراية.