التكليف إنما هو بمجئ زمان المكلف به وعدم إتيانه فيه - كما أوضحه في النهاية - وإن كان هو يرتكب ترك هذه الواجبات مترتبا حتى فيما يقع التروك في الوقت، بملاحظة أن اللازم للامتثال هو مقدار من الزمان يفي بالواجب ومقدماته ويسعهما فبترك أول المقدمات لا يحصل عصيان جميع الواجبات دفعة بل تدريجيا ومترتبا غاية الأمر عدم تعين المتروك في كل زمان - فلا وجه لما في ذيل النهاية - إلا أنه مع هذا كله فظاهر الاصرار أن يكون كل من هذه الذنوب باختياره لها بعدما سبقها من الذنب، وفي مفروض الكلام لا يكون اختياره باقيا بعد ترك أول المقدمات، اللهم! إلا أن يقال بإلغاء الخصوصية من ظاهر الاصرار، وعدم اعتبار ترتب الذنوب وكفاية كثرتها ولو دفعة كما في نهاية الدراية.
كما أن ثمرة اجتماع الوجوب والحرمة، إن أريد منها ثمرة عملية، فواضح أن القول بالوجوب وعدمه فيها سيان، سواء كانت المقدمة توصلية أو تعبدية، وإن أريد منها مجرد عد مورد لهذه المسألة بناء على القول بالملازمة فله وجه، حتى بناء على تعلق الوجوب المقدمي بما هو بالحمل الشايع مقدمة، إذ بناء عليه أيضا فلا ريب في أن المراد بالمقدمة بالحمل الشايع ليس خصوص الشخص الذي يؤتى به خارجا، بل العنوان الكلي الذي له أفراد، فإذا قال المولى: اشتر اللحم - مثلا - فمقدمته الذهاب إلى السوق، وهو كلي قد ينطبق على الذهاب إليه من طريق غصبي أيضا، ففيه يجتمع عنوانا التصرف في مال الغير والذهاب إلى السوق، فلا حاجة لفرض ترتب الثمرة إلى كون المقدمة من المقدمات الشرعية، كالوضوء، بل يتم في غيرها أيضا، وتخصيص الوجوب المقدمي بالفرد المحلل جمعا بين غرضي المولى لا وجه له، بعد وجود الملاك في المحرم أيضا، إلا امتناع الجمع بين الأمر والنهي، وإلا فكل منهما متعلق بموضوع نفسه، لا يرى المولى مقام اجتماع الموضوعين، ولا يسري حكم كل موضوع إلى الآخر أصلا، بل بناء على عدم اعتبار المندوحة في جواز الاجتماع، كما هو الأقوى، تترتب الثمرة في مورد انحصار المقدمة في الطريق الحرام أيضا.