جزءيه أمر واحد هو ترتب ذي المقدمة، وهو لا يترتب إذا لم يوجد أحد الجزءين، فكل من النقيضين سبق في الوجود وقع على صفة الحرمة وسقط به الأمر، ولم يكن المتأخر حراما، والنتيجة هو التفصيل المزبور، إذ لو لم يكن له داع إلى الإتيان فأول الضدين في التحقق عدم الإرادة، فيقع الصلاة - مثلا - غير محرمة.
وأما إذا كان المنشأ لترك الواجب المضيق كالازالة هو الصلاة، بحيث كان آتيا بها لو لم يصل، فالأول منهما هو الصلاة، فهي تقع محرمة، فتفسد (1).
وفيه أنظار:
الأول: أن الموصلية وصف قائم بالترك وهو إن كان يحصل بإرادة ذي المقدمة إلا أنه لا ريب في مغايرته لها.
الثاني: ما في حاشية النهاية وما كتبته تقريرا لبحث سيدنا الأستاذ الأعظم - مد ظله - من أن العبرة في باب تعلق الاحكام في وحدة المتعلق وتعدده بنظر الحاكم، فإذا كان الترك الموصل أمرا واحدا متعلقا لوجوب واحد، فترك هذا الواحد يكون مبغوضا له، وحراما بحرمة واحدة، بما أنه تركه وعدمه.
الثالث: ما في كلام سيدنا الأستاذ - مد ظله - من أن الإرادة التي هي أحد جزئي هذا المركب، هي ما تحرك عضلات العبد نحو ذي المقدمة، ومع فعله لضد الواجب كيف يكون مريدا لنفس الواجب، حتى يكون أول النقيضين فعل الضد كالصلاة، بل لا محالة يكون أولهما عدم الإرادة، كما عرفت توضيحه في رد البيان المنقول عن مقالاته.
الرابع: ما في كلامه - مد ظله - أيضا من أن صرف عدم إرادته لا يوجب سقوط الواجب عن وجوبه، ما كان له إلى إتيانه سبيل، فإن الواجب إنما يسقط بالعصيان لا بإرادة الترك والعصيان، اللهم! إلا أن يقال: المفروض هنا وقوع نقيض الإرادة التي هي الواجبة ولو جزئا، ونقيضها هو تركها، وهو ترك الواجب وعصيان له، فالواجب سقط بالعصيان لا بإرادة العصيان.