تنبه لهذا المعنى. نعم، لعل صاحب النهاية (قدس سره) لما رأى وضوح فساد هذا المعنى - على مبنى المقدمة الموصلة - لم يرض بحمل كلام الكفاية عليه، بل جعله على أحد معنيين هما أيضا غير صحيحين، فراجع نهاية الدراية وحاشيته عليها (1). لكن الظاهر من كلامه ككلام التقريرات والمقالات وغيرهم إرادة هذا المعنى، وقد عرفت فساده. هذا كله في الإيراد الأول.
ثانيهما: ما حاصله: أن نقيض كل شئ رفعه بنحو السلب المحصل، والسلب والعدم لا يصدق على الفعل والوجود، وعليه فنقيض الترك المطلق أيضا عدمه، وهو لا ينطبق على الفعل، وإنما يكون ملازما له، فإن كفى الملازمة هاهنا كفى في ترك الترك الموصل، وإن لم يكف لم يكف من غير فرق. انتهى ملخصا (2).
أقول: وإن أمكن الجواب عن اشكاله (قدس سره) بأن الرفع أعم مما هو بالمعنى الفاعلي أو المفعولي، فنقيض الترك هو الفعل، بخلاف نقيض الترك الموصل، كما أفاده في النهاية، بل وبأن الفعل وإن لم يكن نقيضا اصطلاحيا إلا أنه يعانده بنفسه بملاحظة أنه نفي للفعل، فيكون هو أيضا محرما، كما يوهمه صدر عبارة الكفاية.
إلا أن الحق ورود الإشكال على صاحب الفصول، إذ هو (قدس سره) مع تصريحه بعدم اتحاد المعنى العدمي والوجودي هاهنا وفي رد شبهة الكعبي قال في مقام الاستدلال على اقتضاء الأمر بالشئ للنهي عن تركه الذي هو ضده العام: إن معنى النهي طلب الترك، وطلب ترك الترك عين طلب الفعل في المعنى، وذلك ظاهر وإنما قلنا: إنه عينه في المعنى، إذ لا ريب في تغايرهما بحسب المفهوم كالوجود وعدم العدم. إلى أن قال: إن الكلام في عينية المفهومين بحسب الصدق... وعينية المفهومين في الصدق وإن كانت من الأمور الواضحة، إلا أن التشاجر في نظائرها غير عزيز في كتب القوم. انتهى (3). وحينئذ فمرجع كلام الشيخ الأعظم (قدس سره) على الفصول عدم الفرق بين ترك الترك وترك الترك الموصل بالنسبة إلى الفعل الذي هو