بحيث ينتج دخله الذي شأنه، بل إنما الجزء أو الشرط فيه قوة أن ينتج تلك النتيجة المتوقعة منه، وشرط انتاجه نتيجته تحقق جميع الأجزاء والشرط، ففي هذه المرحلة قد بلغ كل جزء وشرط مرتبته التي تنتظر منه وتتوقع، وهذه رتبة تمامية العلة، وهي رتبة متقدمة على رتبة المعلول، لكنها لا تنفك عن المعلول، فيترتب على علته في نفس ذلك الزمان إلا أنه في رتبة متأخرة، فبلوغ الشرط مرتبة فعلية الشرطية، وبلوغ الجزء مرتبة فعليته، لا ينفك عن ترتب المعلول، إلا أن المعلول مترتب ومعلول لعلته التامة، لا لنفس الجزء أو الشرط، كما أن هذه المرتبة مرتبة متقدمة على المعلول هي مرتبة العلة لا مرتبة نفس المعلول.
وعليه فالدعوى أن ملاك وجوب المقدمة حصول هذه الدخالة، التي لها بحسب اختلاف المقدمات لكن بوجودها الفعلي، ومعلوم أنها مترتبة على المقدمة التي بلغت بحيث يترتب بعدها المعلول على علته التامة.
وهذا هو الذي يحكم به الوجدان الصحيح ولا يرد عليه شئ أصلا، ولعله هو مراد الفصول وإن لم ينطبق عليه بعض عباراته، والظاهر - كما يشهد به مراجعة العقلاء - أن المقدمات المختلفة كل منها مأمور بها على حدة بملاكها الذي يخصه، أعني تلك الدخالة الفعلية، لا أن هنا أمرا واحدا تعلق بالعلة التامة، فانبسط على أجزائها، على ما أختاره في نهاية الدراية.
وكيف كان فقد أورد على هذه الدعوى أمور:
1 - منها: أن الفائدة المترتبة على كل مقدمة التي هي الملاك لوجوبها أمر وجودي لولاه لامتنع المعلول امتناعا بالغير، فالمقدمة توجب بأثرها الوجودي، أن لا يمتنع بالغير، ويتمكن المكلف من إتيانه، إذ لولا المقدمة لكان العمل ممتنعا بالغير، فكيف يمكن ايجاده مع هذا الفرض، وهذا هو مراد الكفاية والتقريرات، لا أن ملاكها أمر عدمي أو تعليقي كما أحتمله النهاية، ولا أنه الامكان الذاتي أو الوقوعي ونحوهما كما فيها أيضا.
وبالجملة: فهذا الأثر ملاك وجوبها، وهو مرتب على مطلق المقدمة، سواء