المذكورة فيهما أيضا، مع أنه من فاحش الأغلاط. مضافا إلى أنه إذا لم يكن الداعي إلى الإخبار هو الإعلام كان داعي البعث وسائر الدواعي - مثل السخرية والتهديد - على السواء، فيلزم حدوث الإجمال، كما عن الفاضل النراقي في المستند (1).
أقول: ولك أن تقول:
أولا: إن سر عدم استعمال الجمل الاسمية والتي فعلها ماض في مقام الطلب أن وقوع المطلوب في الخارج لا محالة متأخر عن البعث إليه، فإن وقوعه في مرتبة المعلول للبعث، ولذلك فالمناسب في الاستعمال هو الجملة الاستقبالية، اللهم إلا أن يكون المقام مقام إبراز المستقبل المحقق الوقوع منزلة الماضي والحال، فلا نسلم حينئذ أن يكون إبرازه بغير صورة المستقبل غلطا، بل يمكن تصوير استعمال الجملتين إذا كان المضي أو الحال لا بالقياس إلى زمن الإنشاء، بل بالقياس إلى زمن مستقبل آخر، كأن يقول المولى الذي في السفر للعبد الحاضر: " أنا أجئ غدا بعد مضي ساعة من الظهر، وقد اشتريت قبله الفواكه اللازمة وهي معدة موضوعة في البيت " فإن مثل هذا الاستعمال لا شبهة في صحته، وهو دليل على ما قلناه.
وثانيا: أن مفروض الكلام هو انفهام الطلب من الجملة الخبرية، وإنما البحث في تصوير كيفية هذه الإفادة فإيراد الانجرار إلى الإجمال خروج عن مفروض المقام.
التوجيه الثاني: ما أفاده سيدنا الأستاذ الإمام (قدس سره) من: أنه إنما قام مقام إلقاء مطلوبه في قالب الاخبار لنكتة دعوى: أن المكلف قد بلغ من العقل والرشد مبلغا يقوم بإتيان العمل المطلوب، بلا حاجة إلى الأمر به، بل فطرته السليمة ورشده في حيازة المصالح تبعثه إليه بلا دعوة داع، كما في قول الوالد لولده: " إنه يأتمر بأمر أبيه ويحفظ مقام والده " في مقام إنشاء الأمر (2).