نعم، يمكن أن يورد عليه بالنقد على المقدمة الأولى، فإن مفروض الشارع وإن كان تعلق الأمر بذات العمل إلا أنه لا يجب أن يكون هذا الأمر أمرا مستقلا، بل الأمر المتعلق بالمركب أو المقيد ينبسط على ذات العمل، ويقصد المكلف في عمله هذا الأمر، فلا مجال للزوم الخلف أصلا.
إلا أن صاحب الكفاية أورد عليه (1):
أولا: بأن تحليل المقيد إلى ذات وتقيد عقلي ولا يمكن أن يبتنى باب الامتثال إلا على أساس عرفي عقلائي فالمقيد والذات في نظر العرف واحد لا يصح تفكيكهما ليقال بانبساط التكليف على الذات، فتصوير التقييد باطل.
وثانيا: بأن تعلق أمر شرعي بالقصد محال، فإن القصد هو الإرادة، والإرادة يستحيل تعلق الأمر بها، إذ المأمور به لابد وأن يكون أمرا اختياريا، ولو كانت الإرادة اختيارية لاحتاجت إلى إرادة أخرى، وهذا مما يوجب التسلسل المحال.
وثالثا: أن كل أمر فإنما يدعو إلى نفس متعلقة، فالأمر بالمقيد أو المركب - أعني الصلاة بقصد القربة - إنما يدعو إلى هذه المجموعة بما أنها مجموعة لا إلى أجزائها إلا في ضمنها، وعليه فلا يمكن الدعوة إلى الذات إلا إذا كان المفروض تعلق أمر مستقل بها، وهذا هو الخلف المحال.
أقول: والحق اندفاع إيراداته الثلاث بأجمعها:
أما الأول: فلأن العقلاء إذا عرض عليهم الصلاة والصوم - مثلا - يرونهما أمرين متباينين كل عن الآخر، ولا كذلك إذا عرض عليهم الصلاة، والصلاة إلى القبلة - مثلا - فإنه لا ريب في أنهم لا يرونهما متباينين، بل يحكمون بالبداهة بأن الثانية هي الأولى بعينها، إلا أنها تزداد عليها باشتراط أن تكون إلى القبلة، بحيث لو أمر أحد بالصلاة مطلقة، وآخر بالصلاة إلى القبلة لكان المأمور به لهما أمرا واحدا، وإنما يزيد الثانية على الأولى بشرط فقط، وهذا دليل واضح على أن تحليل المشروط إلى ذات وتقيد تحليل عرفي، ولا فرق عندهم من هذه الناحية