الأمر الثالث هل القرعة أمارة على الواقع أم لا؟
الظاهر أن القرعة ليست أمارة على الواقع، لا لدى العقلاء وذلك واضح، ولا لدى الشرع:
أما أولا: فلأن الظاهر أن الشارع لم يتخذ في باب القرعة طريقا غير طريق العقلاء، كما لعله يظهر من ذيل مرسلة ثعلبة (1)، حيث جعل الأصل فيها قوله تعالى:
* (فساهم فكان من المدحضين) * (2).
ومعلوم: أن مساهمة أصحاب السفينة قضية عقلائية، قررها الكتاب الكريم، واستشهد بها الأئمة عليهم السلام، بل الناظر في الأخبار المتكثرة الواردة في القرعة يرى أن مواردها هي الموارد التي يتداول أشباهها لدى العقلاء، إلا المورد الذي مر الكلام فيه.
وأما ثانيا: فلأن جعل الطريقية لما ليس له كشف عن الواقع ولو ضعيفا مما لا يمكن، بل قد قرر في محله (3) بطلان جعل الطريقية والكاشفية مطلقا، والقرعة ليست كاشفة عن الواقع، بل تكون مطابقتها للواقع من باب الاتفاق، لا بمعناه المحال، كما قرر في محله (4)، وما كان حاله كذلك لا معنى لطريقيته وكاشفيته، والتصادف الدائمي أو الأكثري - بإرادة الله تعالى والأسباب الغيبية - وإن كان ممكنا، لكنه بعيد غايته، بل لا يمكن الالتزام به.
وأما ثالثا: فلأن لسان عمومات باب القرعة مثل قوله: (كل مجهول ففيه