فالأصل عدمه - دليل على استقلال المجعول أيضا، لأنه تابع للجعل في الوحدة والكثرة والاستقلال وعدمه، فحينئذ كما يستصحب عدم جعل الوجوب بعد الزوال، يستصحب عدم وجوب الجلوس بعده، فلا وجه للتفكيك بين الجعل والمجعول.
وأما ثالثا: فلأن إنكاره استصحاب عدم الوجوب الأزلي قائلا: بأن البراءة الأصلية عبارة عن اللا حكمية واللا حرجية، وهذا المعنى قد انتقض قطعا ولو إلى الإباحة، ليس بشئ، لأنه - مضافا إلى جواز استصحاب عدم الوجوب قبل البلوغ، ومضافا إلى عدم العلم بانتقاض اللا وجوب الأزلي إلى الوجوب، ولو سلم انتقاض عدم الحكم إلى الحكم، لعدم المنافاة بين انتقاض عدم الحكم بالحكم، وبين عدم انتقاض اللا وجوب إلى الوجوب - لنا أن نمنع انتقاض اللا حرجية واللا حكمية إلى الحكم في كل موضوع من الموضوعات، لإن بعض الموضوعات التي لا اقتضاء فيها لشئ من الأحكام لابد وأن يبقى على اللا حرجية واللا حكمية.
ولا يلزم أن يكون لكل موضوع اقتضاء ولو للإباحة، وعدم الاقتضاء للأحكام الأربعة لا يستلزم اقتضاء الإباحة، فيمكن أن يكون موضوع خاليا من مطلق الاقتضاء، فيبقى على اللا حكمية الأزلية.
فدعوى القطع بانتقاض اللا حكمية واللا حرجية إلى الحكم والحرج في غير محلها، بل دعوى القطع بخلافها ليست ببعيدة.
جواب شيخنا العلامة وما فيه ومنها: ما أفاده شيخنا العلامة أعلى الله مقامه في مجلس بحثه، من أن الاستصحاب الوجودي حاكم على استصحاب العدم الأزلي، لأن الشك في المقيد ناش