تقديم الأول على الثاني وحكومته عليه، لأنه بإثبات الحرمة لذات المغلي يرفع الشك الذي هو موضوع استصحاب الحلية.
وبهذا يدفع ما قد يمكن أن يتوهم: من أن المغلي المشكوك فيه موضوع لكلا الاستصحابين، وكل منهما بنفس التعبد به يرفع الشك، وهما متعارضان قبل رفع موضوع الآخر (1)، لما عرفت من أن استصحاب الأول يجري قبل الغليان، وبعد الغليان يكون المستصحب - أي الحكم التعليقي الذي يصير فعليا - متعلقا بذات الموضوع ورافعا للشك، فلا يبقى مجال لاستصحاب الحلية التنجيزية، والحلية التعليقية لا أصل لها، ولو فرض يكون مثبتا، لأن التعليق عقلي لا شرعي، فتدبر فيه فإنه جدير به.
فالإنصاف: أنه لا فرق بين الحكومة في المقام وبينها في مقامات اخر، ولعل عدم تعرض الشيخ الأعظم (قدس سره) لوجه الحكومة لذلك، ونحن لسنا الآن بصدد بيان وجه تقدم الأصل السببي وما هو التحقيق عندنا، بل بصدد أن المقام كالمقامات الأخرى بلا افتراق بينهما.
التنبيه الخامس استصحاب أحكام سائر الشرائع هل يجري استصحاب الأحكام الثابتة في الشرائع السابقة كما يجري في أحكام شريعتنا إذا شككنا في نسخها أم لا؟ وهذه المسألة وإن لم تكن لها ثمرة ظاهرة لكن نتعرض لها اقتفاء لأثر القوم.
فنقول: اختار الشيخ الأعظم ومن بعده الجريان قائلين إن المقتضي موجود، وهو