وأما قوله: إن المفروض تسليم حكم الشارع بأن المتيقن في زمان لا بد من إبقائه، وجعل هذا الحكم دافعا لاستصحاب العدم الأزلي (1) فهو غريب، لإن هذا بيان الاستصحاب الوجودي المعارض باستصحاب العدم الأزلي، فالتسليم بجريان استصحاب الوجودي لا يوجب الحكم بتقدمه على استصحاب العدم الأزلي.
اللهم إلا أن يكون منظوره حكومة الاستصحاب الوجودي على العدمي، لكنه خلاف ظاهر كلامه، لأن الحكومة إنما هي بعد فرض جريان المحكوم في نفسه، وهو يدعي عدم اتصال زمان الشك باليقين في استصحاب العدم الأزلي.
وهذا مع أنه على فرض انتقاض العدم لا يجري الاستصحاب ولو مع عدم تسليم حكم الشارع بأن المتيقن في زمان لا بد من إبقائه، فكلامه لا يخلو من خلل، بل تناقض.
جواب المحقق الخراساني ورده ومنها: ما ذكره المحقق الخراساني رحمه الله، وحاصله بتوضيح منا: أن أدلة الاستصحاب لا يمكن أن تعم هذين الاستصحابين، لأن الجمع بين لحاظ الزمان قيدا وظرفا مما لا يمكن، لكمال التنافي بينهما، فلا يكون هناك إلا استصحاب واحد، وهو استصحاب الثبوت فيما إذا اخذ الزمان ظرفا، واستصحاب العدم فيما إذا اخذ قيدا (2).
وفيه: إن إطلاق دليل الاستصحاب يشملهما من غير لزوم الجمع بين اللحاظين، لإن معنى الإطلاق ليس لحاظ الحالات الطارئة والحيثيات العارضة، والحكم عليها، وإلا يرجع إلى العموم، بل معناه جعل الماهية تمام الموضوع للحكم من غير تقييده