في الاستصحاب ليس إلا اليقين والشك الفعليين، وكون المشكوك فيه ذا أثر شرعي، أو منتهيا إليه، وكلا الشرطين حاصلان، أما فعليتهما فواضحة، وأما الأثر الشرعي، فلأن التعبد بهذه القضية التعليقية أثره فعلية الحكم لدى حصول المعلق عليه، من غير شبهة المثبتية، لأن التعليق إذا كان شرعيا معناه التعبد بفعلية الحكم لدى تحقق المعلق عليه، وإذا كان الترتب بين الحكم والمعلق عليه شرعيا لا ترد شبهة المثبتية، فتحقق الغليان وجدانا بمنزلة تحقق موضوع الحكم الشرعي وجدانا.
كلام بعض الأعاظم وما فيه والعجب من بعض أعاظم العصر، حيث فسر الاستصحاب التعليقي بما إذا تعلق الحكم على موضوع مركب من جزءين عند فرض وجود أحد جزئيه، وتبدلت بعض حالاته قبل فرض وجود الجزء الآخر، ثم ناقض كلامه هذا بقوله: بعبارة أوضح، ثم نسج على هذا المنوال، وأورد على الاستصحاب التعليقي:
تارة: بأن الحكم المترتب على الموضوع المركب إنما يكون وجوده وتقرره بوجود الموضوع بما له من الأجزاء والشرائط، لأن نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلة إلى المعلول، ولا يعقل تقدم الحكم على الموضوع، فلا معنى لاستصحاب ما لا يكون موجودا ومقررا، لأن في الاستصحاب الوجودي لا بد من وجود المستصحب، إذ لا يعقل التعبد ببقاء وجود ما لا وجود له.
وأخرى: بأنه ليس للجزء الموجود من المركب أثر إلا إذا انضم إليه الجزء الآخر، فليس للعصير العنبي أثر إلا إذا انضم إليه الغليان، وهذا مما لا شك فيه، فلا معنى لاستصحابه.