وعن " قواعد الشهيد " رحمه الله: ثبت عندنا قولهم: (كل أمر مجهول فيه القرعة).
وذلك لأن فيها عند تساوي الحقوق والمصالح ووقوع التنازع دفعا للضغائن والأحقاد، والرضا بما جرت به الأقدار، وقضاء الملك الجبار (1).
وهذا التعليل ظاهر في أن الشهيد فهم من قوله: (كل مجهول ففيه القرعة) (2) اختصاصه بباب تساوي الحقوق وتزاحمها ووقوع النزاع، وعليه يحمل ما نقل عن طريق العامة: (القرعة لكل أمر مشتبه) أو (مشكل).
كما نقل عن ابن إدريس (3) في باب سماع البينات أنه قال: وكل أمر مشكل يشتبه فيه الحكم فينبغي أن تستعمل فيه القرعة، لما روي عن الأئمة عليهم السلام، وتواترت به الآثار، وأجمعت عليه الشيعة الإمامية (4)، ضرورة أن الروايات المتواترة إنما هي في الموارد المتقدمة، وكذا إجماع الشيعة في مثلها، لا في مطلق المشتبه، وهذا واضح جدا.
وبالجملة: المتتبع لكلمات الأصحاب يرى إسراءهم الحكم من الموارد المنصوصة التي عددناها في الأمر الأول إلى غيرها مما هو من قبيلها، أي في موارد تزاحم الحقوق والتداعي والتنازع، والحال أن فقيها منهم ممن تعتبر فتواه لا يرى الإفتاء في سائر المشتبهات والمجهولات بالقرعة، وليس ذلك إلا من جهة ما ذكرنا.