أما الكلام في أول المقامين: فهو أن الحق إمكان الجمع بين القواعد الثلاث، فضلا عن الجمع بين القاعدتين، وما جعل محذورا فيه ممكن الدفع.
إشكال الشيخ الأعظم على إمكان الجمع بين القاعدتين أما ما أفاده الشيخ الأعظم فمحصله: أن المناط في القاعدتين مختلف غير ممكن الجمع في لحاظ واحد، لأن مناط الاستصحاب اتحاد متعلق اليقين والشك مع قطع النظر عن الزمان، ومناط القاعدة اتحاد متعلقهما من جهة الزمان، ولا يمكن الجمع بينهما في مثل قوله: (فليمض على يقينه)، لأن المضي في الاستصحاب بمعنى ترتيب آثار البقاء من غير نظر إلى الحدوث، وفي القاعدة بمعنى ترتيب آثار الحدوث من غير نظر إلى البقاء، وهما نظران متخالفان، ومعنيان غير مجتمعين في الإرادة واللحاظ.
ولو قيل: بأن المضي معنى واحد، وهو فرض الشك كعدمه، ويختلف باختلاف المتعلق، فالمضي مع الشك في الحدوث بمعنى الحكم بالحدوث، ومع الشك في البقاء بمعنى الحكم به.
يقال: هذا يصح إذا كان هنا فردان من اليقين، يكون أحدهما متعلقا بالحدوث، والآخر بالبقاء، وليس كذلك، لأن اليقين بعدالة زيد يوم الجمعة ليس فردين من اليقين، بل هو يقين واحد، ويكون تعدده بالاعتبار، ويكون عموم أفراد اليقين حقيقة باعتبار الأمور الواقعية، كعدالة زيد وفسق عمرو، لا باعتبار ملاحظة اليقين بشئ واحد حتى ينحل اليقين بعدالة زيد إلى فردين يتعلق بكل منهما شك.
فحينئذ: إن اعتبر المتكلم في كلامه الشك في هذا المتيقن من دون تقييده بيوم الجمعة فالمضي على اليقين حكم باستمراره، وإن اعتبره مقيدا فالمضي هو الحكم