وأما لزوم مراعاة النائب تكليف نفسه في بعض الجهات، كالجهر والإخفات والستر، ومراعاة تكليف المنوب عنه في نوع التكليف مثل القصر والإتمام، والقران والتمتع، فليس من أجل أنه روعيت في الفعل جهتان، جهة النيابة، وجهة اللا نيابة، فإنه لا وجه لاعتبار اللا نيابة في الفعل الصادر من النائب بما أنه نائب.
بل لأجل أنه استنيب لقيامه مقام المنوب عنه فيما يجب عليه، فإذا كان عليه حج التمتع وصلاة التمام لا معنى للإتيان بغيرهما مما لا يكون نائبا فيه، ومراعاة تكليف نفسه في الشرائط والموانع لأجل أن الفعل فعله، لا فعل المنوب عنه كما تقدم، فلا بد من مراعاة ما اشترط عليه.
فتحصل مما ذكرنا: أن جريان أصالة الصحة في فعل النائب فيما يكون الشك في الصحة مما لا مانع منه، ولا يعتبر فيه عدالة النائب من هذه الحيثية، واعتبارها من حيثية أخرى على فرضه غير مرتبط بما نحن بصدده.
الأمر السادس عدم حجية مثبتات أصالة الصحة لا إشكال في عدم حجية مثبتات أصالة الصحة، لعدم الدليل عليها، لأن بناء العقلاء - الذي هو العمدة في الباب - غير ثابت بالنسبة إليها، فالثابت من بنائهم ليس إلا ترتيب آثار صحة الفعل، فإذا شك في صحة صلاة من جهة الشك في الطهارة تترتب عليها آثار الصحة، فيقتدى بها، لكن لا يثبت بها كون المصلي على وضوء أو غسل، فلا مانع من إجراء استصحاب الحدث لو كان له أثر.
وكذا لو شك في أن الشراء الصادر من الغير كان بما لا يملك، أو بعين من أعيان