كما أن الانسان بما أنه انسان ناطق، لا بما أنه ماش مستقيم القامة، فيصح أن يقال: إن الانسان ليس بناطق من حيث كونه ماشيا مستقيم القامة، بل بما أنه انسان، وفيما نحن فيه يصح أن يقال: إن الجلوس بعد الزوال واجب بما أنه جلوس، وليس بواجب بما أنه متقيد بما بعد الزوال، ويرجع ذلك إلى أن الجلوس تمام الموضوع لا بعضه.
لا يقال: إن المطلق إذا كان واجبا يقتضي إطلاقه وجوب الجلوس في جميع الحالات، ومنها الجلوس بعد الزوال، فيصير معارضا لعدم وجوب الجلوس بعد الزوال.
فإنه يقال: ليس معنى إطلاقه أن الجلوس بعد الزوال بما أنه جلوس بعد الزوال واجب، بل معناه أن الجلوس بعد الزوال واجب بما أنه جلوس، فلا منافاة بين وجوب الجلوس بعد الزوال بما أنه جلوس، وعدم وجوبه بما أنه متقيد كما هو واضح، ولقد أشار إلى بعض ما ذكرنا شيخنا العلامة في " درره " (1) فليكن ما ذكرنا تقريرا وتوضيحا لما أفاده.
التنبيه الرابع الاستصحاب التعليقي هل يجري الاستصحاب التعليقي مطلقا، أو لا يجري كذلك، أو يفصل بين التعليق في الحكم والموضوع، أو بين ما كان التعليق شرعيا وغيره؟
وجوه، يتضح الحق ببيان أمور:
الأول: ان محط البحث والنقض والإبرام في الاستصحاب التعليقي هو أن تعليقية الحكم أو الموضوع هل توجب خللا في أركان الاستصحاب وشرائط جريانه أم لا؟