أمرا مبرما كأنه حبل مشدود بين المتيقن والمتعلق لا ينقض بالشك الذي لا استحكام فيه، لكونه حالة ترديدية، فلا ينبغي أن ينقض الأمر المستحكم المبرم بالأمر الغير المبرم، ولعل هذا سر التعبير بقوله في صحيحة زرارة: (ولا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك).
وبالجملة: الظاهر من الدليل هو اعتبار بقاء اليقين في عالم التشريع، ويحكم العقل تخلصا عن اللغوية بأن الجعل الشرعي لا بد له من اثر يكون تحت يد الشارع، ويترتب على هذا الاعتبار، لكن لا يلزم أن يكون الأثر أمرا وجوديا ولا أثرا عمليا، بل لو ترتب عليه عدم لزوم العمل أو جواز ترك الإتيان فلا مانع منه، وليس في أدلة الاستصحاب لفظ " العمل " ومثله حتى يقال: إنه ظاهر في الأثر الوجودي، وترك العمل ليس عملا، وعدم ترتيب الأثر ليس أثرا.
وما قد يقال: من أن المراد بالنقض هو النقض العملي (1)، إن كان المراد منه أن مفهوم العمل مأخوذ في الدليل فهو ظاهر الفساد، وإن كان المراد أنه لا بد في الجعل من أثر يكون تحت يد الشارع لئلا تلزم اللغوية فهو حق، لكن رفع الكلفة عن المكلف وعدم إلزامه بالعمل وأمثال ذلك مما تخرج الجعل عن اللغوية، فاستصحاب عدم التكليف والوضع - وكذا استصحاب عدم الموضوعات لرفع الآثار المجعولة عليها - مما لا مانع منه، تأمل.
الأمر الرابع أثر الحكم الأعم من الواقعي والظاهري قد اشتهر بين الأعلام أن الأثر الغير الشرعي والشرعي بواسطة أمر غير شرعي لا يترتب على المستصحب إذا كان له واقعا، وأما إذا كان للحكم الأعم من الواقعي