البناء على اليقين، وعلى الجزم، وعلى النقصان، وإنما الاختلاف بينها في الإتيان بالسلام وانفصال الركعة، أو عدمه واتصالها، فالرواية الدالة على البناء على الأكثر تدل على الفصل بالسلام، والدالة على البناء على الأقل ظاهرة في الإتيان متصلة، فهما متحدتا المضمون من جهة الإتيان بالركعة، وعدم الاكتفاء بالمشكوك فيها، ومختلفتاه في الاتصال والانفصال، فالتعبد على الأكثر - من جهة وجوب الانفصال - لا ينافي الاستصحاب من جهة عدم إتيان الركعة، فالبناء على اليقين يدل على استصحاب عدم الإتيان، وظاهره الإتيان متصلة، ولكن ترفع اليد عنه بالأدلة الدالة على الإتيان منفصلة (1).
اللهم إلا أن يقال: إن الأخبار الدالة على البناء على الأكثر والإتيان بالركعة المنفصلة تدل على أن الإتيان بها إنما يكون من باب الاحتياط، لا من باب الاستصحاب، فتنافي الأخبار الدالة على البناء على اليقين، فلا محمل لها إلا التقية، وأما الحمل على اليقين بالبراءة (2) فهو محمل بعيد، كما لا يخفى هذا إذا خصصنا الموثقة بالشك في الركعات.
وأما لو قلنا بالتعميم، وأن مضمونها أصل كلي في جميع الأبواب خرج منه الشك في الركعات، فدلالتها على الاستصحاب ظاهرة، لظهورها في فعلية الشك واليقين مع وحدة المتعلق، فلا تنطبق إلا على الاستصحاب.
ومنها: ما عن " الخصال " بسنده عن محمد بن مسلم (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: من كان على يقين فشك