منظور فيه، ضرورة أن الشارع لا يكون في خطاباته إلا كواحد من العرف، ولا يمكن أن يلتزم بأن العرف في فهم موضوع أحكامه ومصاديقه لا يكون متبعا بل المتبع هو العقل.
وبالجملة: الشرع عرف في خطاباته، لا أن الموضوعات متقيدة بكونها عرفية، فإنه ضروري البطلان، فحينئذ يكون قوله: (لا ينقض اليقين بالشك) قضية عرفية، فإذا رأى العرف أن القضية المتيقنة عين المشكوك فيها، وأن عدم ترتب الحكم على المشكوك فيه من نقض اليقين بالشك يجري الاستصحاب، ولو لم يكن بنظر العقل من نقضه به، لعدم وحدة القضيتين لديه هذا كله واضح.
حال الأمثلة التي ذكرها الشيخ وإنما الكلام في الأمثلة التي ذكرها الشيخ الأعظم (قدس سره)، ولا يخفى أن جميعها من قبيل الوسائط الغير الخفية، ويكون الأصل فيها مثبتا:
أما قضية استصحاب رطوبة النجس لإثبات تنجس ملاقيه (1)، فلأن العرف هو الذي يستفيد من الأدلة الشرعية الواردة في النجاسات أن التنجس لا يكون إلا لأجل سراية النجاسة إلى الملاقي، فملاقاة الثوب للرطب لا تكون موضوعا للحكم بالغسل عند العرف، بل الموضوع هو الثوب المتأثر بالنجاسة الرطبة، فاستصحاب الرطوبة لا يثبت هذا العنوان، وقد عرفت أن الوسائط الخفية ما تكون الواسطة عقلية لا يراها العرف واسطة.